اخر الأخبار

هذه ضمانات السلطة لاحترام نصوص الدستور

 

هذه ضمانات السلطة لاحترام نصوص الدستور

                                 

هذه ضمانات السلطة لاحترام نصوص الدستور                                   

معاذ جدّي

    الدستور هو عبارة عن نهج تعتمده الدّولة نطاقا لكافة القوانين و التشريعات التي تسنها من أجل الحفاظ على استمرارية المؤسسات و حماية الحقوق و الحريات العامة للأفراد وبهذا تضمن عدم تعسف السلطة أثناء ممارسة أعمالها ولكن يبقى الإشكال ما هي الضمانات التي توفّرها السلطة للتقيد بالقواعد الآمرة للدستور ومن سيحاسبها في حالة خرقها لأحد نصوصه ؟

    يعتمد النظام الأمريكي اسلوب الرقابة القضائية على دستورية القوانين و الأعمال التي تقوم بها المؤسسات التنفيذية و وللمحكمة العليا صلاحية إلغاء أي قانون أو أمر صادر عن الرئيس إذا رأت فيه مخالفة للدستور نظرا لكون عمل هذه السلطة ( القضائية ) مستقل تماما عن تدخل السلطة التنفيذية الممثلة في شخص رئيس الجمهورية وهو ما دفع روزفلت ذات يوم إلى قول أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لا يحكمها رئيس الدولة بل قضاة المحكمة الفدرالية ولعلّ اشهر قرار علّقته المحكمة الفدرالية في سياتل المرسوم الرئاسي لترامب بحظر دخول رعايا سبع دول إسلامية إلى أمريكا وذلك من طرف القاضي جيمس روبرت ، بالإضافة إلى قرار المحكمة العليا في 2006 القاضي بأنّ جورش بوش الإبن تجاوز صلاحياته بإنشاء المحاكم العسكرية الإستثنائية لمحاكمة المقاتلين من الأعداء المعتقلين في غوانتنامو في حملته آنذاك على الإرهاب فرغم سطوة بوش الإبن آنذاك إلا انّ المحكمة العليا نظرا لاستقلاليتها و كفاءتها استطاعت منع تجاوزات الرئيس و استعمال نفوذه لخرق الدستور .  

هل يُوفّر النظام الجزائري الضمانات الكافية لاحترام الدستور ؟

   الإنطباع العام لممارسات السلطة على الأقل في العشرين سنة الماضية يوحي أنّ النظام الجزائري لا يوفّر أدنى شروط احترام الدستور من قبل القائمين على السلطة التنفيذية فمثلا لو عدنا إلى مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لوجدنا أنّه لم يكن في حالة القدرة الكافية على ممارسة مهامه الدستورية منذ أواخر 2012 تقريبا ممّا يُمهّد الطريق أمام تفعيل المادة 102 من دستور 2016 في تلك الفترة بمرحلتيها من إعلان توافر المانع ثم حالة الشغور و الدستور كان صريحا و لكن الإرادة السياسية للطبقة الحاكمة و المهيمنة على السلطة رأت خلاف ذلك واستمرت في خرق الدستور إلى غاية 02 أفريل 2019 رغم وضوح الصورة محليا و دوليا أنّ الرئيس عاجز تماما على ممارسة مهامه ، أيضا تجاوز حكومة تصريف الأعمال بقيادة نور الدين بدوي ( بالطبع شكليا لأن الفعلي كان خلاف ذلك ) ولعلّ أبرز تجاوزاتها إقرار قانون المالية و تعديل قانون المحروقات ... إلخ و المتعارف عليه فقها وقانونا أن عدم دستورية أمر أو قرار يؤدّي إلى بطلانه ، و لعلّ أشهر خرق واضح وضوحا تاما هو إقالة وزير العدل سليمان براهمي و تعيين زغماتي و المادة 104 من الدستور واضحة في منعها تعديل أو إقالة الحكومة القائمة إبان حصول المانع لرئيس الجمهورية ... إلخ ولكن رغم ذلك إلا أن السلطة تجاوزت المادة و قامت بالتعديل ممّا يوحي أنّ الدستور في الجزائر مع غياب الضمانات الفعلية لاحترامه لن يعدو كونه وثيقة مؤسَّسَة من طرف السلطة للشرعنة الشكلية للمنظومة القائمة ولو لقيت إجماع النخبة و العامة .   

ليست هناك تعليقات