الحرية الإقتصادية في الجزائر بناءا على مؤشر IEF
بقلم : جدّي معاذ
يقول ابن خلدون " إذا كثرت الجباية أشرفت الدولة على النهاية "
الدولة بعيدا عن المفهوم التقليدي هي مجموعة مؤهلات تسمح بخلق مساحة للتعايش بين طوائف المجتمع عن طريق توفير ما لا يُمكن تحقيقه فرديا أمّا إذا أضحت عاجزة عن خلق مقدار معيّن من التكافؤ نتيجة عوامل عدّة من بينها سيطرة مجموعات على مقدّراتها دون الأغلبية فيجب أن تدارك الخلل قبل أن تنهار مثل ما حدث لفنزويلا ولهذا خلق المجتمع الدولي عدّة مؤشرات يتم من خلالها قياس ديناميكية الدولة لتحقيق أهداف العقد الإجتماعي وهذه المؤشرات تعتبر كمنصّة إنذار تُعلم الدولة إذا اختل أحد مؤشراتها لتدارك الأمر ولنأخذ على سبيل المثال مؤشر الحرية الإقتصادية و عامل العبء الضريبي
1- مؤشر الحرية الإقتصادية : من اسم المؤشر تتّضح المفاهيم العامة التي يدور حولها فالحريّة الإقتصادية وتعرّف على أنّها حريّة المواطن في التحكّم و تسيير ممتلكاته و عمله ممّا يؤدّي إلى حريّة الإنتاج و الإستهلاك و الإستثمار فالدول ذات الحرية الإقتصادية المرتفعة تسمح بتحرك راس المال و السلع بحريّة أكبر من تلك التي تمارس رقابة شديدة عليها و سنأخذ الجزائر مثالا
أولا : مؤشّر الحرية الإقتصادية يعتمد على
أربع ( 04 ) ركائز تضم 12 عاملا وهي :
·
سيادة القانون : وتتضمن ( حقوق الملكية ،
نزاهة الحكومة ، فعالية القضاء )
·
حجم الحكومة : وتتضمن ( الإنفاق الحكومي ،
العبء الضريبي ، الصحة المالية )
·
الكفاءة التنظيمية : و يتضمّن ( حرية العمل ،
حرية التجارة business freedom ، الحرية النقدية )
· الأسواق المفتوحة : وبتضمّن ( حرية التجارة trade freedom ، حرية الإستثمار ، الحرية المالية )
ثانيا : حسب مؤشّر الحرية الإقتصادية الصادر سنة 2021 الصادر عن مؤسسة هيريتيج الأمريكية فقد صنّف الجزائر من الدول ذات الحريّة الإقتصادية " المقموعة " حيث احتلت المرتبة 162 عالميا بـ49.7 و المرتبة 15 في التصنيف العربي من أصل 22 دولة عربية كما واحتلت سنغافورة المرتبة الأولى عالميا تليها نيوزيلندا ثم أستراليا و الغريب في الأمر أو دعونا نُسمّيها المفارقة العجيبة أنّ دولتي جيبوتي و جزر القمر تتقدامان على الجزائر !! ما يعني أنّ الحكومة الجزائرية يجب أن تراجع أساليب التسيير الإقتصادي و الذي دون شك أدّى إلى تراكم هذه النتائج حيث يعتبر المؤشر أنّ القضاء في الجزائر ضعيف و يخضع لضغوط سياسية وهو بحاجة للتعزيز كما واعتبر أنّ المحسوبية و الفساد ابتليت بها الأعمال و القطاع العام خاصة قطاع الطاقة وهو ما يُربك الإستثمارات الأجنبية ، والملاحظ عند الإطلاع على عوامل مؤشر الحرية الإقتصادية نجد أنّ هناك عوامل جدّ متدّنية حيث تحصّل عامل نزاهة الحكومة على 32.7 نقطة و عامل الفعالية القضائية على 41.6 و عامل حرية الإستثمار و الحرية المالية على 30.00 نقطة لكل منهما ، حقوق الملكية 34.0 نقطة ... إلخ ، على الرغم من أنّ معدّل الحرية الإقتصادية ارتفع قليلا عن السنة الماضية إلا انّ الدولة بحاجة إلى زيادة تعزيز عوامل الحرية الإقتصادية لجلب رأس المال الأجنبي و تكوين بيئة تنموية قادرة على خلق الثروة بعيدا عن الريع .
2-
عامل العبء الضريبي : وهو العامل الذي يُوضّح
قدرة الدولة على التكيّف مع احتياجاتها دون اللجوء إلى المواطن و إثقاله بالضرائب لسد عجز الموازنة
العامة ، إذا فهو مقياس لحجم الضرائب المباشرة و غير المباشرة التي تفرضها الدولة
على الأشخاص الطبيعية و المعنوية ومقارنتها بحجم الناتج المحلّي .
وقد احتلت الجزائر من حيث العبء الضريبي من إجمال الدخل المحلّي
الإجمالي المرتبة الأولى عربيا بنسبة 37.2 %(
67.2 نقطة ) ما يوضّح اعتماد الدولة على جيوب المواطنين بنسبة كبيرة لسد عجز
الموازنة العامة بسبب غياب آليات خلق الثروة خارج مجال النفط الشيء الذي جعل سوق
النفط هو المتحكّم في زمام الإقتصاد الجزائري وبالتالي لا تملك الحكومة حلاّ آخر
عند تذبذب اسعار المحروقات سوى زيادة الضرائب لترقيع عجز الموازنة .



ليست هناك تعليقات