اخر الأخبار

معادلة المغرب و البوليساريو في توجيه الدبلوماسية الجزائرية



معادلة المغرب و البوليساريو في توجيه الدبلوماسية الجزائرية

بقلم معاذ جدي                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           

     أضحت معادلة السياسة الخارجية لدولة بحجم الجزائر يتحكّم فيها مُعامل ثلّة البوليساريو !!! هذا إن لم تكن تقريبا بندا علنيا أو خفيا في بنود عقود الطاقة خاصة مع الازمة الأوكرانية ... 
الغريب أن الجزائر لم تستفد شيئا بمرور عقود من الدّعم منذ 1975 تقريبا ، بل الواضح أنّ هذه المجموعة تُحسب فقط كجبهة مُستنزفة للخزينة فالمغرب يسيطر على نحو 80% من الصحراء الغربية بل وعزل المناطق الغنية بالفوسفات عن باقي المناطق الصحراوية والتي تُدر عليه نحو ما يزيد عن مليار دولار بالإضافة إلى قرابة ملياري دولار من صيد السمك والتراخيص كما لا ننسى أكثر من 160 ألف طن من المنتوجات الزراعية عالية الجودة الموجهة كليا نحو التصدير بالإضافة إلى الإحتياطات الهامة من المعادن خاصة اليورانيوم ...
ما يعني أن توقعات صندوق النقد الدولي سنة 1975 بأنّ الصحراء يمكن أن تكون واحدة من أغنى الدول في العالم لم تأتي من فراغ نظرا لثرواتها المتنوعة و كثافتها السكانية القليلة ( تتجاوز 240 ألف نسمة بقليل ) 
       هذه الثروات كلّها تحت سيطرة المغرب تقريبا بالكامل و الخاسر من هذا الصراع حسب تقديري هو الشعب الجزائري فقط ، صراع لن يزيد إلا في استنزاف طاقة الخزينة و ابتلاع مقدّرات الشعب الجزائري ، 
فإذا كانت للجزائر دوافع خفيّة - ويبقى احتمالا راجحا جدّا - فطبيعة الصراع القائم على هذا الإقليم بين الجزائر و المغرب و إن كان بالوكالة عموما لن يُسهم في تحقيق الغايات ولن يكون إلا عاملا في زيادة عزل الجزائر دبلوماسيا 
الجزائر الآن في صراع مع المغرب و توتراتها مع إسبانيا تتفاقم نتيجة تبنّي هذه الأخيرة لطرح المغرب بالإضافة إلى بداية توتر علاقاتها مع الإيكواس الذي فرض عقوبات على مالي جرّاء الإنقلاب العسكري تزامن مع ليونة الموقف الجزائري من الإنقلاب بالإضافة إلى تصاعد التوتر مع فرنسا و الذي تزامن مع طرد المجلس العسكري الحاكم في مالي للسفير الفرنسي ومنع الجزائر لتحليق الطيران الفرنسي على الإقليم الجزائري ومن جهة أخرى قد يدفع تعطيل معاهدة الصداقة الجزائرية و الإسبانية و تواجد قوات الفاغنر الروسية على الأراضي المالية إلى توتر العلاقات بين الإتحاد الأوروبي و الجزائر نتيجة لــ
  1. أنّ المساس بإسبانيا يعدّ بطريق غير مباشر مساسا بالمصالح الأوروبية عموما خاصة و أن الإتفاقيات بينهم لا يمكن أن تخلو من مبدأ التضامن .
  2. أنّ منع الجزائر تحليق الطيران الفرنسي عبر أجوائها تلاه مباشرة تواجد قوّات الفاغنر الروسية على الأراضي المالية إضافة إلى رفض روسيا و الصين ( ما يعني عموما محور الجزائر ) مقترح فرنسا بتبنّي عقوبات الإيكواس على مالي ما قرأه البعض أنّ الإتحاد الأوروبي سيراه من قبيل التمهيد لوضع قدم النفوذ الروسي في إفريقيا بدعم جزائري وهو ما لن يرضاه و إن التزم الصمت خاصة مع فرض عقوبات على روسيا نتيجة اجتياح قواتها لأوكرانيا .
  3. الدخول في تباين مواقف مع الولايات المتحدّة الأمريكية لو أخلّت بوعدها لبلينكن باستمرار تدعيم إسبانيا بالغاز وعد قطعته بعدم قطع الغاز عن إسبانيا مهما حدث ، إضافة إلى أنّ المساعدة في توطين الوجود الروسي في مالي باعتراض التواجد الفرنسي عن طريق حظر الطيران يعتبر من قبيل تحدّ مباشر للإرادة الأمريكية ، إضافة إلى كل هذا رفض أغلب الدول العربية لإقامة دورة الجامعة العربية بالجزائر في مارس ما دفع بالرئيس تبّون إلى القيام بجولة ماراطونية بدأت من مصر لإقناع خاصة الدول الخليجية بحكم أنّها الأقوى على قبول الحضور و إنجاح الدورة ما يعتقد البعض أنّه يعتبر ضربة للدبلوماسية الجزائرية خاصة مع فشلها في إقناع الأطراف .
    وما يجب التنويه إليه لفهم إلى أي مدى تتضارب الرؤى العربية و الإفريقية مع نظيرتها الجزائرية وجب أن نعلم أنّ الدول العربية مثل الإمارات ، السعودية ، البحرين ، الأردن ، الكويت ، جزر القمر ، جيبوتي  ، مصر ، الصومال ، مسقط و قطر و كذلك بعض الدول الإفريقية سارعت إلى الإعتراف بمغربية الصحراء بل وفتحت قنصلياتها بالعيون و الداخلة ما سيفتح أبواب الخلاف بين هذه الكتل و الجزائر بل وحصل فعلا .
    مُعامل البوليساريو !! إن استمرّت الجزائر بنفس الدبلوماسية الحالية التي تعتمد على إدراجه كورقة تفاوض لن يُسهم إلا - كما قلت سابقا في منشورات عدّة - في زيادة العزلة الدبلوماسية الجزائرية خاصة و أنّها تغيّرت من الدبلوماسية الصامتة الفعّالة في أوجّ فترة حكم بوتفليقة إلى دبلوماسية الصياح غير المجدية و التي أفرزت خيبات متعاقبة بدايتها كانت مع خسارة الدور الفاعل في الملف الليبي و لصالح من ؟ لصالح العدو التقليدي - حسب وصف المؤسسة العسكرية - المغرب 
     الجزائر خاصة مع الأزمة الروسية - الأوكرانية وجب أن تكون أكثر حنكة في إدارة ملفاتها الخارجية وتحديد أهدافها بدقّة وماذا تريده من الصحراء الغربية لإخراج بند البوليساريو من طاولة مفاوضاتها على المستوى الإقليمي و الدولي خاصة وأن إسرائيل و التي تعتبر قوة إقتصادية تُسيطر على دوائر صنع القرار في أمريكا و تتحكّم في صناعة المال على المستوى الدولي لن تقف مكتوفة الأيدي في حال طلب المغرب تدخّلها لتغيير القرارات الدولية والكل يعرف قدرة إسرائيل و اللوبيات اليهودية في العالم على صنع التوترات و خلق الحسابات الجديدة و إطالة أمد التفاوض لاستهداف مكاسب جديدة في الملفات التي تتدخّل فيها لصالحها أو لصالح حلفائها .
      إذا فالجزائر مطالبة  : - 
  1. بالهدوء وعدم استنزاف طاقتها في الصراع مع الجارة المغربية  
  2. تحديد أهدافها بدقّة بناءا على أولوياتها الداخلية 
  3. إستغلال التوتّر الروسي - الأوكراني وفي أسرع وقت من أجل ترتيب اتفاقيات تخدمها على المستوى البعيد
  4. تجنّب خلق صراع مع الإتحاد الأوروبي لن يُفضي إلا للتضييق على اقتصادها و كبح الإستثمارات الأجنبية المباشرة .
  5. تزامنا مع كسب الجانب الروسي المحقّق وجب زيادة تليين الموقف الأمريكي من التوجّه الجزائري ، فالجزائر ليست في حاجة لمزيد من التوتر على المستوى الخارجي خاصة مع قوة مثل الولايات المتحدّة الأمريكية .
  6. فتح السوق الجزائرية للإستثمارات الأجنبية المباشرة و تسهيلها ممّا سيزيد من قوة الدبلوماسية الجزائرية من خلال سعي الدول المستثمرة للحفاظ على مكتسباتها الإقتصادية في الجزائر ممّا سيفرض عليها نوعا من التماهي مع المواقف الجزائري مع الأطراف الخارجية .
  7. الجزائر وعلى محمل الجد و بالمرور للسرعة القصوى مطالبة باستغلال طفرة أسعار النفط الحالية والبحث عن سبل الإستثمار فيها لخلق اقتصاد بديل خارج مجال الريع .
 

ليست هناك تعليقات