اخر الأخبار

حل المجالس المنتخبة

حل المجالس المنتخبة

 

حل المجالس المنتخبة


   التغيير الجذري في اي نظام كان لا يُمكن أن يحدث إلا إذا توافرت نيّة التغيير و تم تجييش السواعد من أجل فرض هذا التغيير مع التنازل عن إعطاء الأولوية للحسابات الجانبية و تقديم الثلل ذات الوزن.
   منذ الإنتخابات الفارطة أقرّ رئيس الدّولة جملة من التغيّرات خضعت بالضرورة لجملة من المتغيّرات التي فرضت انسحابا ليّنا إن صح التعبير لجملة الوعود التي أسهب الرئيس في عرضها أمام الشعب في كل فرصة ظهر فيها أمام الإعلام هذه المتغيّرات شكّلت ذريعة قويّة لتأخير الوعود فجانب تقبّلها على مضض و جانب يراها مجرّد ذريعة لرئيس لا يعدو أن يكون واجهة لنظام خفي لا يملك معه قرار نفسه فما بالك بقرارات تُلزم الدّولة ، تناطح التأويلات لتلاشي الوعود قسّم المجتمع إلى ثلاثة أطياف ، طيف يرى الرئيس معذورا فالظروف على دقّتها كانت فعلا عائقا و طيف يرى أنّها مجرّد أعذار يستكمل فيها النظام مرحلة إعادة تثبيت النظام البائد – إن صحّ التعبير – و طيف يرى أنّ الرئيس مجرّد واجهة لهذا تميّزت وعوده بالهشاشة  ، تمايزت الوعود حتى كان آخرها التعهد بحل المجالس المنتخبة في أجل ثلاثة أشهر فهل هذا الوعد قابل للتحقق فعلا ؟ 

هل تكفي مدّة ثلاثة اشهر لحل المجالس المنتخبة ؟

   هذا الطرح يخضع إلى احتمالين الأوّل تمرير الدستور في 1 نوفمبر و التصويت بنعم بالأغلبية على التعديل وفي هذه الحالة تكون إمكانية حل المجالس المنتخبة قائمة أمّا الإحتمال الثاني في حالة الإعتراض الشعبي على تمرير الدستور في 01 نوفمبر هنا الرئيس يصبح أمام حالتين الأولى الوفاء بتعهّده بحل المجالس المنتخبة في ظل الدستور القديم و له الإمكانية في ذلك والمدّة حينها لن تتجاوز كما تعهّد الثلاثة أشهر و لكن في هذه الحالة وجب أن يدعو لانتخابات جديدة اصلا لا فائدة منها و غير مقبولة شعبيا في ظل الدستور القديم و قانون الإنتخابات القديم يعني أنّ الإنتخابات لو حدثت على هذه الشاكلة فسيعتبر غباءا مستفحل تنتهجه السلطة ، الحالة الثانية عدم حل المجالس المنتخبة لأن اعادة انتخابات في الظروف القديمة كما قلنا غباء و بالتالي ستستمر المجالس المنتخبة في عهدتها ما يعني أنّ مدة الثلاثة أشهر التي وعد بها الرئيس غير قابلة للتحقق 
.

القراءة الخفيّة لتعهّد الثلاثة أشهر 

   حين يتعهّد الرئيس بحل المجالس المنتخبة وهو لا يعلم نتيجة الإنتخابات على تعديل الدستور له قراءاتان 
    - أمّا المجازفة بحل المجالس المنتخبة إن لم يتم تمرير الدستور و إعادة الإنتخابات في ظل القوانين القديمة و الدستور القديم و هذا كما قلنا غباء و على ما أظن مستبعد .
   - أو أنّ الرئيس ضمن تمرير الدستور في انتخابات 01 نوفمبر وهذا ما لا يُمكن الجزم به  

لماذا يتعهّد الرئيس بحل المجالس المنتخبة ؟

   إذا كان هذا القرار يهدف إلى إدماج الفئات الشبانية في المجالس المنتخبة و إنهاء هيمنة الوعاء المالي على التوجّهات السياسية فالسؤال هنا ماذا لو عادت سيطرة المال على هذه الهيئات و لم يحدث التغيير الذي ينشده الرئيس وكانت نسبة اندماج الفئات المقصية  و النخب أقل من المستوى المطلوب ؟ فهل سيعيد حل المجالس المنتخبة  ؟ إذا فالامر غير محسوم حتى و إن دعى الرئيس إلى تمويل الحملات الإنتخابية للشباب وجعلها على عاتق الدّولة فأحزاب تملك قدرة مالية ضخمة مثل الأفلان و الأرندي لا يُمكن أن تترك الساحة فارغة أمام الفتات الذي ستستعين به الدّولة لتمويل الترشّحات الشبانية  . أمّا إذا كان هذا القرار ناتج عن قناعة بأنّ هذه المجالس فاسدة سيطر عليها رأس المال الفاسد خاصة بعد تصريح النائب البرلماني طليبة  وهي مجالس غير قادرة على تسيير الشأن العام فبادئ الأمر هذا الإعتقاد يُعتبر اعترافا بعدم أهلية هذه المجالس ما يعني قانونا أنّ جميع قرارات هذه المجالس تقع تحت طائلة البطلان بما فيها تمرير الدستور وهذا ما لا يُمكن أن يُصرّح به الرئيس  رغم اعتقاد العامة بأنّ اغلبية هذه المجالس غير قادرة على مناقشة أمور مصيرية لجهلها حتى بمقوّمات و ممرّات الصياغة الشكلية للقوانين وهو ما رأيناه مرارا على شاشات التلفزيون و الصحافة تتصيّد المهازل في أروقة نكبة البرلمان .

هل فعلا سيكون لحل المجالس المنتخبة وقع على السياسة العامة في تسيير الشأن العام ؟   

    في ظل الظروف الراهنة لا يُمكن التنبأ بأفضلية لمن سيدخل تحت قبة البرلمان على حساب السلطة التنفيذية بالنظر لجملة التعديلات التي انضوت عليها النسخة النهائية لمسودّة الدستور يعني أنّ الإرادة الشعبية ستبقى مغيّبة لمزيد من الزمن إلى حين اقتناع السلطة عمليا أنّ الشعب أساس السلطة بالإضافة إلى انّ النهج المُتبّع من حيث سيطرة المال و الولاءات على هذه المجالس من الصعب جدّا أن يُحذف من خارطة التوازنات السياسية الدّاخلية وكخلاصة مُستحيل في ظل تردّي الظروف حاليا و استمرار الممارسات الإقصائية أن يكون البرلمان القادم أفضل من المطرود  .


قناعتي أنّ الحكم لله وما انهيارنا و ضعفنا إلا لابتعادنا عن الأخذ بأوامره و الوقوف عند نواهيه و حدوده .



ليست هناك تعليقات