بوتفليقة ، هل كان فعلا منقذا ؟ الجزائر و انتخابات 12 ديسمبر 2019
بوتفليقة ، هل كان فعلا مخلّصا ؟ الجزائر و انتخابات 12 ديسمبر 2019
الجزائر أكبر دولة في قارة إفريقيا وهي ثاني أكبر الدول الإسلامية مساحة تليها السعودية ثم أندونيسيا ، دولة بحجم قارة أناخ عليها الإستعمار الفرنسي لأزيد من 132 سنة كانت حصيلته ما يتجاوز 7 مليون شهيد والرقم المتعارف عليه بمليون و نصف المليون شهيد هو الرقم الذي حصدته الماكينة الفرنسية من 1954 إلى 1962 فقط أمّا الباقي فكان خلال الثورات الشعبية ، تعاقب على حكم الجزائر منذ بداية تحقق معادلة التحرّر أي من 1958 وتشكّل الحكومة المؤقتة ما يربو عن 10 رؤساء ، اختلفوا وتوافقوا على مفهوم التسيير فمنهم من سعى للدّولة و هيبتها ومنهم ما سعى للمصلحة الضيّقة ووضاعتها ، تآمر بعضهم على بعض فآخر كرّس لهذا و الآخر جاء بذاك وكل يُبرّر وفق مسوّغ هو من وضع حُججه ، تواترت الأحداث حتى استقرّت الدّولة في سنة 1999 على رئيس شكّل أملا للجزائريين و إن أنكر البعض لأنّ معادلة التعيين مازال تفاعلها قائما إلى ذاك الحين عن طريق مُهندس الإقالات و التعيينات الجنرال خالد نزّار مصيبة الجزائر في 1991 وله اليد الطولى في مجازر الإنقلاب ، بوتفليقة رجُلُ لم يتميّز عن سابقه اليامين زروال في التسيير إلا أنّ بوتفليقة ابتسمت له آبار البترول فتراءى لجمع ليس بالهيّن أنّ الرجل مُبارك وله كرامات ولم يفهموا إلا في أواخر 2013 أن المنقذ هو نفسه السفّاح ومن كانوا يعتبرونه موسى لم يكن في الحقيقة سوى فرعونا .
تكدّس المصائب وكبت
الحريّات و تقهقر البترول عرّى كرامات
الرّجل المزعومة ففهم الشعب أنّ المنقذ و الولي الصالح ليس سوى دجّالا مارس دجله في جهل من
الشعب وأنّ سلطته لم تكن إلا منهجا مدروسا وفق مثلث الدراما المعروف لعب فيه دور
المنقذ ولكي يكتمل الدّور فلبدّ من وجود الضحيّة وهذا ما مهّد له من عيّنوه ، طلّت
بشائر الخير التي أسعفها البترول فازدادت ثقة الشعب في أنّ الرجل مُخلّص إلى أن
اصطدمت بانهيار الرّيع فبدأت ملامح المغادرة ، أقر الرجل حينها بعدم طاقته في
المواصلة وبالحرف الواحد قال " طاب جناني " عبارة متداولة معناها لم تعد
لي الحيلة في تسييركم ولكنّ الممارسات السلطوية للعائلة الحاكمة أجّجت الفساد
ووفرّت له صغار الحطب ليشبّ نارا عظيمة بدأت تأكل مفاصل الدّولة ، فجأة يمرض
المنقذ لتستقر الدّولة في حُضن العصابة علنا ، أخوه السعيد وأحلافه من كبار
الجنرالات و رجال المال الفاسد عبثوا بها طويلا وبعثوا بالمخلّص المزعوم نحو عهدة
رابعة لم تكن له الحيلة خلالها للكلام فكيف بالتسيير وفهم ما يدور حوله وهذا
بالضبط ما أرادته العصابة رجلٌ يلعب دور الشماعة ليُمارسوا هم دور المحرّك من الظل
، الأمر تجاوزه من المماطلة في تنفيذ الوعود إلى الإستخفاف بالشّعب و تحدّيه فهذا
سفيه روّج للخمور و خرج يسب الجزائريين على منابر الإعلام وذاك يسخر من الشعب و
يهينه و يرفض المساواة والآخر في سابقة لم تحدث إلا عندنا أغلق البرلمان "
بالكادنة " و سخر ممّن استفاقوا بقوله " صحّا النومة " و الآخر
يُمجّد فرسنا بقوله في مؤتمر " vive la France " جبان مجّد من
قتلوا أجداده ولكن هل يفهم الوضيع لغة الرّجال ؟
تواترت الأحدث و تعنّتت
الشرذمة في فرض سياسة الأمر الواقع رشّحوا شبحهم لنكبة خامسة فجمعت زبانية الظلم -
لتقفز به في المقدّمة - قرابة 6 مليون توقيع في ظرف قياسي صرخ قائلا أنّ هذا
العدد مستحيل ، كان ذلك بمساعدة مهندس
التزوير وهو الآن وزير أوّل وصرّح مدير حملة الشبح الوزير زعلاني بذاك العدد
الخيالي فإمّا أنّه كان غبيا ليصرّح بهذا العدد أو أنّه صرّح متحدّيا كما قلت
فارضا سياسة الأمر الواقع ، تأجج الوضع ليستحيل معه الشارع بركانا قذف حممه على
قصر المرادية ، تنازعوا أمرهم بينهم ، تآمروا ليجدوا منفذا للمصيبة حتى يُكملوا
آخر الإصلاحات في نظام فاسد فاقترحوا التعيين ، غيّروا الحكومة ، ألغوا الإنتخابات
ودعوا لمرحلة انتقالية ، جميع الحلول اصطدمت بشارع يغلي .
ظهر رجل ولحد الآن
يحتسبه عدد ليس بالهيّن عرّاب النظام السابق و حارسه الأمين ، الفريق قايد صالح ، ظهر
الرجل بملامح مختلفة فيها من الوعيد ما لم يعهده الشعب داخل منظومة الفساد ،
تسارعت الأحداث أُقيل بوتفليقة تغيّرت الحكومة بإدراج أسماء بعضها من خارج الدائرة
ولكن تملك القابلية في سرعتها القصوى للإنبطاح ، تولّى رئيس مجلس الأمة عبد القادر
بن صالح مهام الرئاسة وهو أحد أعمدة النظام ولكن المتتبّع للشأن الجزائري يفهم
أنّه لا يملك من أمره شيئا ، فالحل و الرّبط بيد قائد الأركان ، رفض الشعب
انتخابات جويلية تأجّلت وتم تأسيس سُلطة مُستقلة على حدّ زعمهم سبقتها لجنة
للوساطة والحوار ولم تكن بمستوى التسمية ولم تنتهي لشيء سوى أنّها لعبت دور "
ساعي البريد " أعلنت السلطة المستقلّة في ظرف قياسي استدعاء الهيئة النّاخبة
وتشكيل مندوبيات لها داخليا وخارجيا في ظروف غامضة عن كيفية التعيين ! وتمّ تحديد الإنتخابات في 12 ديسمبر 2019 ، تم جمع الإستمارات
وكانت التزكية لخمس مرشّحين ، علي بن فليس وزير اوّل في حكومة
بوتفليقة ، عبد القادر بن قرينة وزير الثقافة الأسبق ، عز الدّين ميهوبي مرشّح
الرند و مبذّر الملايين على نهدي تمثال في سطيف و الشعب يقتات من النفايات ووزير الثقافة في حكومة أويحي ، عبد
المجيد تبّون رجل السلطة من 1975 وتقلّد مناصب وزارية مختلفة آخرها وزير أوّل في
حكومة بوتفليقة تم إقالته في ظرف شهرين ، عبد العزيز بلعيد إبن الأفلان ويملك شغفا
لتقلّد المنصب ظهر في ترشّحه سنة 2019 رغم
رفض الشارع ، في 09 نوفمبر أعلن المجلس الدستوري – إجراء شكلي – عن نفس القائمة
التي أعلنت عنها السلطة المستقلة وهو المتوقّع وإلا كيف ستكون السلطة الوطنية أمام
الرأي العام مُستقلة إن لم تكُن سيّدة الموقف؟ فهل ستُجرى الإنتخابات
كما يتعهّد قائد الأركان و يُشدّد على نزاهتها أم أنّها ستصطدم بغليان الشارع
الرافض لاستمرار العصابة على رأسها مهندس التزوير الوزير الأوّل وصديق بوتفليقة عبد
القادر بن صالح ؟
إنّ ما تمر به الجزائر في الوقت الراهن ما
هو إلا انتفاضة طال هدوءها جرّاء ما مارسه النظام الفاسد لسنوات ، استفز خلالها
الشعب ، أوجع الضعيف وزاد تمرّد الأغنياء وتغوّلهم ، نظام خلق الطائفية بين أفراد
المجتمع الواحد و الدّين الواحد ليقتات على فرقتهم ، نظام طغى على كل الموازين
وخرق كل الأعراف والقوانين ، نظام مهّد الطريق أمام خلق طبقية شديدة التمايز في
مجتمع كان لابد أن يكون نظامه بيان اوّل نوفمبر فكانت البرجوازية تليها مباشرة
طبقة المهمّشين و الفقراء ، نظام أنجب الكراهية بين أطياف المجتمع فأضحى الإباضي
على خلاف مع المالكي والقبائلي عدوٌّ لمن ميّزوه بالعربي وكل في خدمة السّادة فهم
علموا أنّ اجتماع الفرقاء يعني زوالهم ولهذا أوغلوا حتى النخاع في جعلنا مِزَقا .
أسفر حجاب السلطة المستقلة عن أسماءا كانت
لزمن قريب وجها في عملة النظام فأينما أدرته وجدتها وزاده أنّ ثبّت المجلس
الدستوري الرؤيا و فنّد أضغاث الأحلام بأنّ الشعب يُمكن أن يتّفق على وجه يحتجُّ
به أمام المألوف فكان المعهود لغة المواصلة ، اشخاص ألفناهم فألفوا طباعنا !! وثبُت
حقا أن الكون ما بُني إلا على تناقض ، فكيف نرفضهم وقد جمعوا ما جمعوا .. من أين
وكيف ؟ سؤال سيطرح نفسه زمنا وسيكتب البعض تاريخ البعض بأنّا خذلناهم وبعضهم
سيُبرّر أنّ الدولة تحتاج لما أسماه البعض بالخيانة ، وكل في فلك يسبحون فمعادلة
الخيانة نسبية وكل على ما يرى فحتى فرعون احتج برأيه وأنّ ما يراه صواب فقال " وما أريكم إلا ما أرى وما
أهديكم إلا سبيل الرّشاد " ، فرعون طاغية زمانه فكيف بمن ينطق الشهادتين
أن لا يكون متزمّتا لرأيه ظانا أنّه على سواء السبيل ؟
من هم خيول
سباق 12 ديسمبر ومن سيكون المبشّر بجحيم المرادية ؟
في عجالة سنتعرّف على أهم المرشّحين لنهائي المرادية




ليست هناك تعليقات