لما عجز الحراك عن تكريس السلطة الشعبية و تفعيل المادتين 7 و8 ؟
لما عجز الحراك على تكريس السلطة الشعبية و تفعيل المادتين 7 و8 ؟
رغم التكاتف الذي شهدته الجزائر في بداية
حراكها إلى ما يُقارب الأربعة أشهر الأولى من ميلاده وتصعيد اللهجة من جُمعة لأخرى
مع رفع سقف المطالب إلا أنّه اصطدم بعد
تسعة أشهر بواقع أنّ لا شيء تحقّق سوى رحيل بوتفليقة والذي أصلا كان تحصيلا حاصلا
حتّى لو استمرت العصابة من أجل وأد الفتنة التي إن تصاعدت لهجتها فذلك يعني
انتهاءهم فما الذي حدث لتستحيل اللُّحمة شتاتا ؟
لكي نفهم لما عجزت
الهبّة الشعبية عن فرض منطق السلطة الشعبية وتفعيل المادتين 7 و 8 من
الدستور يجب أن نفهم أوّلا ما الذي حدث للحَراك وهل بقي على اجتماعه أم تمزّق إلى
مطالب اختلفت باختلاف إيديولوجيا المناطق ؟ مُشكلة الحراك أنّه لم يتطوّر إلى شكل سياسي
منظّم يكون قوّة موازية للسلطة الفعلية - وهذا
لا يعني التمثيل فلو حدث كان ليذهب به ذلك إلى المقبرة من بداية الهبّة – وبالتالي
فهذا الضعف كشف عورته مبكّرا ممّا رتّب أوراق المنافس واتّضح أنّه مجرّد مِزَقْ ولن
يكون جبهة موحّدة قادرة على مناجزة السلطة الفعلية ، رغم ما شاهدناه وسمعناه من
شعارات موحّدة خاصة ضد الإنتخابات أو كما كان قبلا بشعار " يروحو قاع "
و الغريب أنّ من نادوا بهذا الشعار لم يُقدّموا البديل ممّا جعل الشعار أجوفا دون
قيمة وكأنّه سَفَهٌ لا يُعتدُّ به ، ممّا زاد قناعة السلطة الفعلية أنّ الهبّة
الشعبية غير منظّمة وتفتقد لعنصري القيادة و الكفاءة وأعطاها مُتّسَعا من الوقت من
أجل تجريب الحلول وفق ما يتوافق ومنهجها .
لتفعيل المادتين 7 و 8 من الدستور كان على
الحراك الإنتقال من مرحلة لمرحلة بمرونة وذكاء وعدم إطالة الأزمة بحثا في ذلك عن
إرهاق السلطة الفعلية للإنسياق خلف طرح الشارع ، ولكن هل كانت الهبّة تنتظر من
السلطة الإنسياق وراء عدم ارتصافها ؟ ومُجاراتها في طرحٍ لم ينتظم ولم يُوفّر له
الحَراك منصّة توافق فيستحيل نُقطة بداية و ارتكاز لما هو قادم ؟ بالطّبع فهذه الفكرة النابعة عن تحرّك غير
مدروس ظنّت من خلالها جملة التوازنات القائمة في المجتمع – إن صح التعبير – أنّ
التوافق يعني ظهور وجه آخر للسلطة ولكن بصكّ الشرعية الذي سيُسلّمه الحراك لمن
سيُمثّله ، فالطّرح اصلا لم يخرج عن التمثيل إلى توليد كيان جديد يُذهب خَبَثَ
التخوين عن مُصطلح التمثيل ونقصد هنا الظهور في شكل سياسي ناضج ومقاومة الإختلالات
الناتجة عن تعدّد الرؤى والإستقامة فقط خلف الفكرة العامة للهبّة وهو إقصاء
العصابة بالإلتفاف حول شخصية توافقية ولو بنسبة 70 % بعيدا عن الجهوية وفكرة المناطق .
إنّ واقع الحال أثبت انّ السلطة الفعلية
خلقت كتلا موازية للحراك – باختلاف الأساليب – الهدف منها كان تشتيت الهبّة من أجل
الحصول على موافقتها أو على الأقل إقناعها مبدئيا بتوجّه المؤسسة العسكرية ولكن اجتماع
الشارع على فكرة رفض الإنتخابات غيّر توجّه السلطة الفعلية من فكرة الحصول على
التوافق السياسي إلى فكرة المغامرة بفرض الحل الدستوري وهنا تكمن نقطة الإرتطام
ولكن يبقى تمرير الإنتخابات أقرب إلى الواقع بسبب هشاشة الشارع نتيجة الإنقسامات
المتتالية و تغيّر المطالب و تعدّد الشعارات ولو توافق على واحدة يقابله إصرار
المؤسسة العسكرية على تمرير مشروعها السياسي .
إذا ففشل الشارع في فرض خياراته كان نتيجة لـ :
- غياب القيادة و الكفاءة .
- الشعبوية في طرح الأفكار .
- استضافة الإعلام لأوجه من الحراك ساهمت في تسفيه أحلامه بسبب سوء الخطاب واعتماد الإرتجالية وعدم توفير البديل ولو جُزئيا ممّا أفقد المترقّب - سواء من الحراك أو خارجه – للثقة في قدرة الحراك على تأطير المرحلة القادمة ممّا عجّل بانسحاب بعض الولايات منه كتبسة ، أم البواقي ، خنشلة ، سوق أهراس ، قالمة ، عنابة ، الطارف ، ورقلة ، تمنراست ... إلخ وهو من أشد العوامل التي ستساعد في تمرير الإنتخابات .
- تكتّل المصالح وعدم التنسيق غيّر الفكرة العامة للحراك .
- ظهور الشعارات الطائفية بخروج فئات من منطقة القبائل تسب العرب و تخوين المناطق غير القبائلية للقبائل بسبب ماضي الزواوة أوجد الفرقة و شتت زاوية الرؤية .




ليست هناك تعليقات