اخر الأخبار

النظام العسكري و أثره على البيئة الإقتصادية

 


النظام العسكري و أثره على البيئة الإقتصادية

بقلم جدّي معاذ 

      النظام العسكري هو النظام القائم على إحكام قبضة المؤسسة العسكرية على دواليب السلطة ككل أو على المؤسسات القوية و التي تملك قدرة توجيه السياسة العامة للدولة كإدارة الصفقات الدولية عن طريق المحاباة أو فرض أسماء في مناصب عليا تستجيب للأقليات الحاكمة و في الغالب يتميّز هذا النهج باللاشرعية الدولية في العلن وإن وجد لنفسه موطأ مشروعية ولهذا تلجأ في الغالب الدول ذات الأنظمة العسكرية إلى تعيين واجهات مدنية ضعيفة لها سلطة إدارة الأمور التي لا تؤثر على الرأي الدولي فقط وهذا الشكل من الأنظمة نراه في الغالب طاغٍ في افريقيا لما تعانيه من جهل و خرافات و فقر و مستوى تعليمي متدّني ولهذا يسهل استغباء مجتمعاتها و السيطرة عليها بخلق الأزمات وفق نظرية الصدمة و الرعب ولهذا تجد أغلب المجتمعات التي تعاني من وطأة الحكم العسكري خانعة ، ذابلة فقدت الرغبة في المقاومة و التطوّر ... ومن أكبر سلبيات هذا الشكل أنّ الأقلية المسيطرة على الحكم لا تسمح بتغييرات جذرية على النظام لأنّ في ذلك تهديدا لوجودها .

    السودان مثلا من الدول التي عانت منذ سنين من تسلّط الحكم العسكري على مواردها منذ انقلاب 1957 إلى انقلاب 2021 فهل نرى أي بوادر تنمية لأرض النوبيين رغم الثروات الضخمة للسودان ؟ الإجابة لا ولن تكون لأنّ الصراعات زحفت على أفكار التنمية  و خنقت المبادرات نتيجة انشغال الحاكمين بإحكام القبضة على اسس الحكم ممّا همّش الجوانب الأخرى ، السودان مثال فقط شأنها شأن مصر ، جزر القمر ، موريتانيا ... إلخ، فهل خرجت هذه الدول من التبعية لدول المُقدّمة إلى إقامة اقتصاد قوي ؟

        لما لا يستطيع هذا الشكل من الأنظمة ترتيب الإقتصاد الوطني في الدول التي تعاني من الوصاية العسكرية ؟ الجواب بسيط هذا الشكل من الأنظمة مرفوض دوليا بل و تتعرّض الدول التي تمارس هذا الشكل طواعية أو عن طريق الإنقلاب إلى عقوبات بالجملة سواءا إقليميا أو دوليا وبالتالي تلجأ هذه الأنظمة إلى شرعنة ممارساتها عن طريق استمالة الخارج على حساب الداخل بطبيعة الحال ستلجأ إلى شراء الذمم عن طريق المشاريع و الصفقات و أسلوب الإدارة الخارجية بمعنى استباحة الدولة مقابل الصمت ، وهو ما حدث تقريبا مع مصر رضخت للتطبيع و أيّدت اليونان على تركيا في أزمة إعادة ترسيم الحدود و اعتبار الجرف القاري بداية الحدود و ليس امتداد الجزر لضمان كسب رأي اليونان في المحافل الدولية عند وقوع خروقات من النظام العسكري الحاكم في مصر ( مثال فقط ) ، بعد سقوط الإتحاد السوفياتي لجأ إلى ترميم الجبهة الإجتماعية للقضاء على مظاهر الفقر و التخلّف وعدم الإنشغال بالخارج تقريبا وهو نفس النهج الذي اتبعته سنغافورة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه ، وفي خضم ممارسات هذا النظام سيلجأ إلى تفتيت مقدّرات الدولة إرضاءا لجهات خارجية ونهب و تحويل الأموال لحماية نفسه في حالة ما إذا دارت الدائرة عليه وهو ما سيسهم في تفاقم الفساد المالي و الأخلاقي وانتشار الرشوة و المحسوبية .

     مالي ، الحدود الجنوبية الغربية للجزائر بعد قرار المجلس العسكري الحاكم تمديد الفترة الإنتقالية لخمس سنوات إضافية بعد أن تعهّد بإجراء انتخابات رئاسية في فيفري و تسليم السلطة للجهات المدنية ، مالي مثال حي لتغوّل النظام العسكري في حالة وصوله إلى السلطة بل و الأدهى أنّه سيلجأ إلى تمرير دستور يتناسب و مقاس المؤسسة كما حدث في السودان إذ ينص في إحدى مواده على أنّ تعيين وزير الدفاع وهو ( المفروض ) شخصية مدنية إلى موافقة قائد الأركان وهي مفارقة عجيبة إنفرد بها الدستور السوداني ، أن يوافق الأدنى على الأعلى !!!!!! ، التوتّر في مالي مع قرارات الإيكواس بفرض عقوبات عليها و تجهيز جيوشها في حالة حدوث طارئ في مالي سيزيد من توتّر الحدود الجزائرية التي تعاني من اللاهدوء منذ مدة خاصة بعد التوتر الحدود الشرقية ( ليبيا ) و دخول دول إقليمية و دولية على محور الصراع بين حفتر و حكومة الصخيرات ، الهجمات المنسّقة على الحدود الجنوبية الشرقية ( النيجر ) ، توتّر الحدود الشمالية الشرقية ( تونس ) مع عودة الهجمات الإرهابية و قرارات قيس سعيّد التي تلقى رفضا شعبيا كبيرا ... الأمر الذي سيرفع وتيرة العمل الدبلوماسي الجزائري لاحتواء الوضع في مالي و الذي تسبب فيه النظام العسكري في مالي .

       على مرّ الأزمنة اثبت الحكم العسكري فشله في إدارة دواليب السياسة في الدول التي رزحت تحت حكمه ووصايته على مؤسساتها ولم ينجح في النهوض بالإقتصاد وتطوير الجوانب التعليمية و الصحيّة  رغم توافر الثروات الطبيعية نتيجة الصراعات المتواصلة على " من يُمسك بدفّة السلطة  "  و التي همّشت أسس نهوض الدول .


ليست هناك تعليقات