الإنقلاب الدافئ على الشرعية
الإنقلاب الدافئ على الشرعية
قيس سعيد بين مطرقة إملاءات الدول المتآمرة و سندان الدستور
قراءات السلطة للدستور في الدول العربية دائما تصب في مصلحة النظام خاصة في إجراءات الحالات الاستثنائية ، نخرج قليلا عن الدستور الجزائري لنلقي نظرة على الإجراءات الأخيرة لقيس سعيد الرئيس التونسي والتي اتخذها بناءا على خطر داهم يهدد الدولة ، والذي في خطابه لم يبين طبيعة الخطر الذي في الغالب يحدد طبيعة الإجراء وإنما ترك المصطلح على ما هو عليه فضفاضا عاما ، قيس سعيد لم يختلف عن بقية التماثيل العربية رغم ديباجته التي صدح بها طويلا من احترام الدستور وفلسطين و الحريات إلى حرية الاعلام و و و و و....وبعد زيارة مصر أو دعونا نحدّد بدقّة بعد زيارة السيسي ومن خلفه الإمارات ولا يخفى على كل تونسي أنّ البرلمان التونسي يضم عبير موسي أقوى عنصر ناشط في جبهة الإمارات على الإقليم التونسي بعد عودة قيس سعيد تغيّرت ملامح الحرية التي رقص على انغامها قبل اعتلائه سُدّة الحكم في تونس فأراد من النيابة التحرك لقمع من يبدي برأيه في المساحات الزرقاء وعَمَد إلى الدستور فشجّ رأسه وبتر أوصاله فكان الخرق صريحا وما لبثت مصر حتى أعلنت تأييدها لانقلاب قيس سعيد كيف لها وهي المتوجسة والعدو الأول لحكم الإخوان مع حليفتيها السعودية و الامارات ولعل محاكمات السيسي الظالمة للاخوان في مصر شاهدة على كره النظام العسكري في مصر لكل ما يمت للاخوان ومطاردتهم والمطالبة بتسليمهم عند فرارهم لليبيا ، والغريب أنه وكباقي الحكام العرب يبرّر خيبته بقوله أنه لم يخرق الدستور و كيف يفعل وهو أستاذ قانون دستوري و تلك الطامة الكبرى ، أهل مكة أدرى بشعابها ، على الأقل وهو الأستاذ في القانون الدستوري كان له أن يتخير شِعبة (ثغرة )من الشعاب ينفذ منها لتعطيل الدستور أو لخرقه دون أن يكون الخرق بتلك الفجاجة ، المادة 80 من الدستور نصت على تظافر المؤسسات الدستورية في حالة الظرف الاستثنائي وليس تعطيلها كما فعل قيس سعيد ، فطوال توافر الحالة الاستثنائيّة يبقى البرلمان منعقدا و لا يمكن له اقالة الحكومة فكيف يُعطل عمل البرلمان إذا و يُقيل الحكومة ؟؟ ثم يأتي ليقول أن هذا ليس انقلابا وأنه لم يخرج بما جاء من اجراءات عن مبدأ الشرعية الإجرائية الدستورية !! إنتبه الغرب لما فعل قيس سعيد وكان الأمر على مقاس مرادهم تحركت ألمانيا وطالبت بالبقاء على الشرعية ولم توضح أكثر وسنأتي لتبيان لما فعلت ذلك ثم صرحت مستشارة وزارة الخارجية الأمريكية وقالت نحن بصدد دراسة الأمر والتأكد أنها ليست حالة انقلاب !! غريب فالمادة واضحة الجاهل باستطاعته فهمها لو قُرأت أمامه وهناك دول أخرى أثار شهوة الطمع لديها إجراء قيس سعيد ، إلا فرنسا التزمت الصمت ما يدل على أن في القِدر بعض من توابل جبال الألب ، ألمانيا و أمريكا وغيرها من دول الغرب التي ترى فينا الفريسة ، الآن هي متأكدة بأن ما قام به قيس سعيد انقلاب على الشرعية وبالتالي ستبدأ مساومات الخفاء مقابل التزام الصمت جراء الإجراءات المنافية للدستور بمعنى ماذا يستطيع قيس سعيد إعطاءهم مقابل الصمت والتغاضي عن اللادستورية الإجرائية في مواجهة الظرف؟. الدول الغربية لا تريد رؤساء شرعيين يحكمون مناطق الثراء فذاك يُصعب مأموريتها في توجيه بوصلة المصلحة على أقاليم هذه الدول ولهذا ستسعى إلى وصول الفاسدين لسُدة الحكم وإن وصل غيرهم بإرادة شعبية كالرئيس التونسي فستعمد لإفساده و ستسعى لجعله ديكتاتورا يقهر شعبه أو باخراجه عن نصوص الدستور ومن هنا يسهل توجيهه ، اللاشرعية يعني أنك فقدت القدرة على المناورة وصنع القرار ، أنت كالصاروخ الموجّه أينما أرادوك أن تنفجر إنفجرت .




ليست هناك تعليقات