اخر الأخبار

الجزائر طرف في الصراع الإقليمي على الأراضي الليبية ؟

الصراع , أطراف , الإقليمي , الأراضي الليبية الجزائر , الجيش


 

بقلم جدّي معاذ 

         تطورت الاحداث الليبية مؤخرا على المستوى الإقليمي و الدولي بإقتحام قوى ذات ثقل  لمشهد الصراع في ليبيا على غرار  أمريكا الموالية لحكومة السرّاج و إن نعتبرها أساس صراع المصالح في الدول النفطية  ثم تركيا رغم عدم وجود حدود بينها و بين طرابلس إلا أنّها وجدت حلا بعدم اعترافها باتفاقية البحار للأمم المتحدة و إعادة ترسيم الحدود بينها و بين ليبيا معتمدة على فكرة الرصيف القاري لتجاهل جزيرة كريت اليونانية لبلوغ مياه شرق المتوسط الغنية و مساعدة حكومة السراج الطرف الثاني في اتفاقية المياه أو الحدود البحرية بالإضافة إلى سعي أنقرة للرد على تجاهلها باستثنائها من منتدى الغاز لشرق المتوسط و الذي حضرته  مصر و اليونان و اسرائيل و إدارة جنوب قبرص وهو رد فعل طبيعي من أنقرة نتيجة الممارسات الرامية إلى عزلها الإقليمي بالإضافة إلى الدعم المعروف من مصر و الإمارات لحفتر من أجل إنهاء حكومة السراج في طرابلس بالإضافة إلى الفاعل الدولي الأهم ، روسيا الموالية لقوات حفتر وذلك تبيّن لما تم التأكد من وجود مرتزقة الفاغنر - وهي شركة روسية تدرب المرتزقة و تزج بهم في الصراعات الدولية مثل ما حدث في سوريا و أوكرانيا وهي النسخة الأصلية من الشركة الأمريكية بلاك ووتر - في ليبيا موالية لقوات حفتر وسط هذا التكتل لم يتم ذكر الجزائر ضمن مخططات الدعم لواحد من الطرفين فهل هذا راجع لاعتماد الجزائر سياسة الحياد بالنسبة للشأن الداخلي للدول و احترام سيادتها ؟ على الرغم من أنها تعد طرفا محوريا في لعبة اتزان الخطوط الدفاعية بين الدول النارية و أوروبا ، إذا فمن المستبعد جدّا أن تقف مكتوفة اليدين أمام صراع إقليمي قد يعصف في أي وقت بهدوء حدودها ، ولكن إن تدخلت الجزائر و إن كانت أصلا طرفا في لعبة التوازنات الإقليمية في ليبيا فأي جهة ستدعم أو دعمت وانتهى الأمر  ؟ 
              لكي نفهم طبيعة الصراع القائم في ليبيا بعد الإطاحة بحكم القذافي وجب أن نفهم توجهات الصراع في ليبيا ، في 14 فبراير 2014 أعلن حفتر تجميد الإعلان الدستوري وحل المؤتمر الوطني العام وقد كان يمثل السلطة التشريعية آنذاك ولها صلاحية التسيير و الذي مدد عهدته إلى  سنة بعد انتهائها في جانفي 2014 وطالب حفتر بانشاء لجنة تشرف على الإنتخابات وحكومة تصريف أعمال ولكن المؤتمر رفض تحت مسبب أنّ ما يقوم به حفتر انقلاب وبعد ثلاثة أشهر أي بالضبط بتاريخ 16 ماي 2014 أعلن حفتر الحرب على المؤتمر الوطني العام و سماها " عملية الكرامة " ولكن المؤتمر استجاب بعد أيام فقط لطلب حفتر ، استمر الصّراع إلى حين إتمام " اتفاق الصخيرات " أو ما يسمى " بالإتفاق السياسي الليبي " مع بداية 2016 برعاية الأمم المتحدة في المغرب ما انبثق عنه حكومة الوفاق الوطني المعروفة اليوم بحكومة فايز السراج وهو الطرف الشرعي وفق القانون الدولي ، ولكن سعي حفتر إلى السيطرة على ليبيا دفعه إلى دق طبول الحرب على طرابلس مقر الحكومة بالطّبع بالإستعانة بأنظمة عسكرية أو  تدعم الشمولية ولن يخطر ببالك سوى مصر و الإمارات وهو ما يبرر الرفض المصري لاتفاقية المياه بين أنقرة و ليبيا على الرغم من أنها ستستفيد من التقسيم وفق الطرح التركي  وهذا خوفا من تنامي دعم أنقرة لحكومة الوفاق ممّا سيقلب موازين القوى على التراب الليبي بالإضافة إلى خوف السيسي من فقدان تأييد قبرص و اليونان للحكم العسكري في مصر ، فتركيا وحدها باعتبارها قوة ذات ثقل إقليمي قادرة على فرض إتجاه وحيد للحرب في ليبيا لو تكثف جهودها العسكرية في ليبيا اعتمادا على الإتفاق البحري و الإتفاقيات العسكرية  ، من هنا تأتي مقاربة الدّور الجزائري في تشاحن الشأن الليبي ، أحببنا أم كرهنا النظام الجزائري منذ 1958 سيطر عليه التوجه العسكري وتحكم في تعيين رؤساءه وبالتالي فإن كانت الجزائر طرفا في الصراع الليبي فدون شك ستدعم الطرف العسكري بقيادة الجناح المنشق حفتر حتى و إن رأى الشق المدني الممثل في رئاسة الجمهورية غير ذلك فالمتحكم  في طريقة الدعم سيرى العكس ، الفرضية باتت أقوى بعد امتلاك قوات حفتر لصواريخ سكود الباليستية وهذا النوع روسي منتشر بكثرة في دول العالم الثاني و الثالث ، ولما بالضبط إمتلاك حفتر للصواريخ الباليستية يرجح فرضية الدعم الجزائري له نقول أنّ في 05/09/2005 أرسلت فرنسا تقريرا للولايات المتحدة الأمريكية تبين فيه قلقها من امتلاك الجزائر لصواريخ باليستية بمدى 1000 إلى 3000 كم ويتم تطويرها في الصحراء الجزائرية بشراكة  مع إيران و كوريا الشمالية لتبلغ مسافة 5500 كم و هو ما يشكل تهديدا للإتحاد الأوروبي أيضا ، إلى هنا فرضية الدعم ناقصة إلى حين تحديد مناطق تمركز قوات حفتر على الحدود الجزائرية ، وماهي المدن الجزائرية القريبة منها ، فيفري 2019 أعلنت قوات حفتر السيطرة على منطقة سبها الواقعة فيالجنوب الغربي الليبي على مقربة من الحدود الجزائرية وفي نفس الشهر من نفس السنة أعلن الجيش الليبي بسط نفوذه على مدينة " مرزق " وفي مارس 2019 أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات الجيش الليبي عن سيطرته على مدينة " غات " و "العوينات " الواقعة على الحدود الليبية الجزائرية ولكن ماذا في المقابل الجزائري فإن " مدينة غات " الليبية تبعد حوالي 80 كم عن منطقة  " جانت " التابعة لإيليزي الواقعة في جنوب الجزائر وتحوي مطار جانت تيسكا  ، إذا حسب التالي :

  •    إمتلاك حفتر لصواريخ سكود الباليستية 
  • سيطرة النظام العسكري في الجزائر على مقاليد السلطة مما يدعم فرضية دعم الأنظمة العسكرية في الدول المجاورة 
  • التقرير الفرنسي بتطوير الجزائر لصواريخ سكود الباليستية ذات المدى المتوسط بالشراكة مع إيران و كوريا الشمالية وما يزيد من مصداقية الأمر فالتعاون الجزائري الروسي و الصيني سمح بتزويد الجزائر بأسلحة استراتيجية فتاكة مثل S400 وقبلها S300 الدفاعية وصواريخ كاليبر الروسية وراجمة الصواريخ SR5 الصينية وهذه المنظومات في العادة لا تكون إلا للأحلاف وهو ما يرجح فكرة امتلاك الجزائر لصواريخ سكود العابرة للقرات إذا تم القياس وفقا لمعيار إمتلاك الجزائر للأسلحة عالية الخطورة  
  • تمركز قوات الجيش الليبي في سبها ومرزق و غات الواقعة على الحدود الجزائرية مما يسهل تمرير الأسلحة من أجل دعم حفتر عبر مطار جانت دون إحداث بلبلة إعلامية 
            كلها نقاط ترمي إلى تليين طرح فكرة الدعم العسكري الجزائري لحفتر رغم أنّ السياسة الخارجية الجزائرية ترفض الحلول العسكرية سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي ولكن السؤال هل فعلا تكفي هذه المؤشرات لترجيح كفة الدعم لميليشيات حفتر  ؟ وما فائدتها من تأجيج الصراع على الأراضي الليبية  إن كانت تبحث عن تصفير المشاكل مع دول الجوار ؟ وإن زعمنا فهل توجد أطراف داخلية من فائدتها دعم حفتر و استقرار النظام العسكري في ليبيا ؟

ليست هناك تعليقات