اخر الأخبار

عواقب التدخل الجزائري في الصراع الليبي

التدخل ، الصراع ، الجزائر ، الليبي ، العواقب



عواقب التدخل الجزائري في الصراع الليبي

بقلم جدّي معاذ 

مقدمة 

         لا أحد ينكر أنّ الصراع في ليبيا لم يعد ليبيا – ليبيا ولم يكن بداعي الطائفية و القبائل ذات الولاءات المختلفة و لا صراع بين المذاهب الدينية بل تعدّاه بأن أضحى مسرحا لصراع دولي تخنق فيه المصالح بعضها بعضا ، الاقتتال في ليبيا يتجّه إلى فرض منطق الأحلاف والتي ستحيل بدورها المنطقة إلى جغرافيا لإثبات تنامي القوى العالمية و تفوقها عسكريا وطرح فكرة من يكون الأجدر بحقول النفط في ليبيا فالتوجه التركي الأخير من خلال اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين أنقرة و ليبيا الهدف منها غاز شرق المتوسط و تسهيل المرور العسكري نحو ليبيا وأخذ نصيبها من حقول النفط و الدّعم المصري – الإماراتي السخي عسكريا و ماليا يفسره رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبي مصطفى صنع الله أنّ حكومة عبد الله الثني الموازية لحكومة السراج عقدت اتفاقيات مع شركات مصرية و إماراتية من أجل بيع النفط بسعر ثابت 55 دولار للبرميل بالإضافة إلى تخوّف مصر من استقرار حكم يحمل أفكارا إخوانية إذا أخذنا بعين الإعتبار فرار الموالين لمرسي إلى ليبيا بعد الإنقلاب عليه من طرف السيسي  وهو الأمر الذي لا يستسيغه النظام العسكري في مصر ويرى في دعم حفتر منفذا للقضاء على جماعة الإخوان في ليبيا وهو تقريبا نفس السبب الذي تؤيده روسيا خوفا من دعم الحركات الجهادية فيها و التي تحوي أصلا ما يفوق 19 مليون مسلم  ، إذا فهي حرب بالوكالة بين كتلتين دوليتين الأولى تدعم حفتر و البرلمان الليبي بقيادة روسيا و الإمارات و مصر و الجبهة الثانية تدعم حكومة السراج بقيادة أنقرة وقطر ، تدافع مصالح وأطماع أغرق المنطقة في صراعات لا ينبئ وطيسها عن قرب انتهائها ، صراعات إن تلقت ليبيا الدعم العسكري من تركيا ستلتهب و سيلتهب معها الحزام الحدودي بين ليبيا و الجزائر لأنّ الأطماع التركية في إعادة بعث السطوة العثمانية ومناطحة مصر و الإمارات المنافرتين لتوجهاتها السياسية سيجعل من الإنتصار  في ليبيا حتمية لا مفر منها بالنسبة لأردوغان خاصة بعد فقدان تراجع نفوذ المحور التركي – القطري في السودان بعد إسقاط البشير .

ماهي النتائج المحتملة لدخول الجزائر معترك الصراع في ليبيا ؟ 

        والحرب على احتمال اشتدادها في حال أرسلت أنقرة الدعم العسكري الذي طلبته ليبيا ستكون الجزائر أمام خياران :
الخيار الأوّل : إعلان حالة الإستنفار القصوى على الحدود الليبية مع تدعيم المناطق الضعيفة على الشريط الحدودي وفي نفس الوقت عقد تحالفات مع دول عربية و غربية من أجل فرض الحل السياسي وفي نفس الوقت تثبيط التدخل المصري في الشأن الليبي الناتج أصلا عن تراجع الدور الإقليمي للجزائر .
 الخيار الثاني : وهو دخول الصراع الليبي من أجل فرض منطقة آمنة على الحدود الليبية – الجزائرية وهي قادرة على ذلك لما تمتلكه من أسلحة  وهو ما تدفعها إليه القوى الغربية.
الخيار الأوّل منطقي ، دفاعي يكرّس السياسة الدائمة للجزائر تجاه الصراعات الداخلية بعدم التدخل و محاولة فرض الحلول السياسية و الثاني خطير وهو مستبعد لأنّ هيئة الأركان و الرئاسة تعلم جيّدا أنّ محاولات الزج بالجزائر في المستنقع الليبي ستكون نتائجها وخيمة وهي على الأرجح :

نتائج الخيار الأوّل
  1.   إستنزاف ترسانة الأسلحة الجزائرية وهو المسعى الدائم لفرنسا وقد وضحنا ذلك من خلال مراسلتها للبنتاغون بسبب تطوير الجزائر لصواريخ سكود وقلقها منها وأنها تشكل خطرا عليها و على الإتحاد الأوروبي ككل نظر لكونها عابرة للقارات .
  2. تدعيم الجانب العسكري على حساب الجانب الإجتماعي نتيجة النفقات المتزايدة للتدخل في الشأن الليبي ممّا سيدفع بغليان الدّاخل و إضعاف السلطة نتيجة الإحتجاجات المتزايدة و تردّي مستوى المعيشة وارتفاع نسبة الفقر وضعف المؤسسات الإقتصادية نتيجة غياب الدعم مما يدفع إلى تفشي البطالة وارتفاع نسبها .
  3. عمل الدول الكبرى كفرنسا على نقل الصراع إلى داخل الأراضي الجزائرية بغرض تدمير بنيتها التحتية لإعادة بعث التمدد الغربي عن طريق شركاته في الأراضي الجزائرية دون إهلاكها تماما فهذه الدول ذكية إلى درجة أنّها لن تسعى إلى تحطيم الجدار الدّفاعي وتعلم أنّ انهيار الجزائر سيسبب غزو المهاجرين للإتحاد الأوروبي وهي ما ترفضه تماما خاصة بعد النزوح السوري لأراضيها . 
  4. في حال دخول الجزائر كطرف في الصراع الليبي سيقابله إرتفاع الإنفاق العسكري عن طريق شراء الأسلحة لتعويض ما خسرته في الحرب مما سيستنزف الخزينة وهو بذلك متزامن مع انهيار اسعار البترول الشيء الذي لن يحتمله الإقتصاد الجزائري الهش وفي المقابل سيدر أرباحا خيالية على الدول المصنعة وهي من بين أهدافها الرامية بزج الجزائر في الصراع الليبي .
  5. زيادة النفوذ الفرنسي في الجزائر عن طريق الضغط بورقة الفيتو و البعد التاريخي من أجل الحد من تغوّل الدول الأوروبية و العربية عن طريق الإستثمار في الجزائر ممّا يجعل الطريق مفتوحا أمامها . 

           غير أنّ الواقع و السياسة الجزائرية ستكون أقرب إلى فكرة التحصّن من المغامرة و إن أخذنا بفكرة الدعم بناءا على بعض المعطيات كما أسلفنا في مقال آخر لأنّ الجزائر على دراية بالمخططات التي تحاك ضدها وقد يؤكدها سيطرة حفتر على المناطق المحاذية للحدود الجزائرية  الشيء الذي سيدفع للأذهان فكرة الإقتراب من الحدود الجزائرية لإرغامها على التدخل .
 لقراءة المقال بعنوان الجزائر طرف في الصراع الإقليمي على الأراضي الليبية  أنقر هنا

ليست هناك تعليقات