إتفاقية أضنة 1998 و شرعية التدخل التركي في سوريا
إتفاقية أضنة 1998 و شرعية التدخل التركي في سوريا
بقلم : معاذ جدّي
بعد الحرب العالمية الأولى وقعت فرنسا اتفاقيات مع
الجانب التركي لترسيم الحدود التركية السورية وذلك لاأن فرنسا كانت دولة انتداب
على الأراضي السورية و من ضمنها تنازل
السلطات الفرنسية لتركيا على منطقة "
لواء اسكندرون " الواقع في شمال شرق
البحر الأبيض المتوسط بالضبط على خليج اسكندرون و خليج السويدية ، ضمته تركيا سنة
1939 و هو الآن جنوبي تركيا و يحمل إسم " محافظة هتاي " ويتكون من ستة
(06) مدن ، أنطاكيا ، اسكندرون ، أوردو ، الريحانية ، السويدية و أرسوز ولعلّ
منطقة لواء اسكندرون من أهم نقاط النزاع
بين الجانب التركي و نظيره السوري بعد استقلاله عن فرنسا سنة 1946 .
بالإضافة إلى
قضية محافظة هتاي ظهرت قضيتي الأكراد و
المياه فقد شهدت العلاقة السورية –
التركية غلايانا غير مسبوق خاصة خلال أواخر الثمانينات و التسعينات نتيجة الدّعم
الذي تقدّمه دمشق لحزب العمال الكردستاني PKK لمواصلة صراعه مع أنقرة
حيث كانت توفر الدعم اللازم و الإقامة في سوريا لزعيمه " عبد الله أوجلان
" بالإضافة إلى مراكز التدريب للمقاتلين الكرد المنتمين لهذا الحزب.
إثر هذا الفعل استغلت تركيا ورقة المياه
للضغط على الجانب السوري حيث قامت ببناء سدود عرفت باسم " مشروع جنوب شرق الأناضول " لتصبح بهذا
تركيا المتحكم الرئيس بمياه نهري دجلة و الفرات ممّا سيدفع لاحقا بتفاقم الأزمة
السورية – التركية ويتمخّض عن ذلك توقيع " بروتوكول التعاون الإقتصادي الأمني
المشترك سنة 1987 " والذي نص على تمرير كميات محدودة من مياه الفرات ووقف
الجانب السوري لدعمه لـ pkk ، لم يسري
الإتفاق كما أراد الطرفان .
وبما أنّ تركيا كانت تعتبر الأكراد
خطرا على أمنها القومي خوفا من استقلالهم
الذاتي وهذا ما سيعتبر إلهاما للأكراد في تركيا من أجل الحصول على استقلالهم
الذاتي أيضا وهو ما ترفضه تركيا جملة و تفصيلا ، فقد حشدت أنقرة سنة 1958 جيشا
ضخما على الحدود بينها و بين سوريا و هدّت باجتياح المناطق السورية إن واصلت دعمها
لـ PKK ولكنها واجهت مناصرة الإتحاد السوفياتي لسوريا
بالإضافة إلى مصر .
تأزّم الوضع أكثر بين الدولتين ممّا كان
سينجر عنه تناحر سيدفع بالطرفان إلى التضحية بآلاف المدنيين و الجنود ممّا عجّل
بالتدخل الإقليمي من أجل حلحلة الأزمة التركية – السورية ، فتدخّلت إيران ، مصر و
الجامعة العربية ممّا أسفر عن توقيع " إتفاقية أضنة " في مدينة "
أضنة " التركية سنة 1998 وهي الإتفاقية التي غيّرت ملامح العلاقة بين الطرفين
.
إتفاقية أضنة ، تعريف و أهم بنودها
1 – ماهي إتفاقية أضنة : هي اتفاقية أمنية سريّة وقّعتها تركيا ممثلة بالسفير
التركي " أوغور زيّال " و سوريا ممثلة " باللواء عدنان بدر حسن
" وهذا سنة 1998 ممّا أدّى إلى بعث العلاقة السورية – التركية من جديد وعلى
أسس مغايرة ، ولكن كيف تم توقيعها ولما ؟ قبل توقيع الإتفاقية حشدت تركيا آلاف
الجنود على حدود الدولتين لاجتياح سوريا بنفس الطريقة قبل 40 سنة و أزيد ولكن
الإختلاف هذه المرة يكمن في أنّ تركيا بدت جادة في موقفها وذلك لعدّة اعتبارات
تتمثل في اختلال توازن القوى العالمية نتيجة سقوط الإتحاد السوفياتي سنة 1991 ،
الحليف التقليدي لسوريا وعدم إبداء مصر مساندة لسوريا كما فعلت سابقا بإنزال
جيوشها في " اللاذقية " بالإضافة إلى تفوق الكفّة التركية نتيجة
انضمامها للمعسكر الغربي ، حينها فهم حافظ الأسد أنّ التهديدات هذه المرّة جدّية
ممّا أدّى إلى توقيع إتفاقية أمنية بين تركيا و سوريا بوساطة مصرية إيرانية و
تدخّل جامعة الدول العربية وهذا كما أسلفنا سنة 1998 .
2 – أهم بنودها:
ü
عدم تدعيم الجانب السوري لـ PKK وطرد زعيمه عبد الله
أوجلان من أراضيها و التعاون مع تركيا للقبض على المطلوبين .
ü اعتبار الخلافات الحدودية بين
الطرفين منتهية وفقا للملحق 3 من الإتفاقية ما يعني تنازلا ضمنيا من سوريا عن
حقّها في المطالبة " بلواء اسكندرون " .
ü
الملحق
الرابع من الإتفاقية يعطي الحق لتركيا في إتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة في عمق
5 كلم داخل الأراضي السورية في حالة إخفاق سوريا في اتخاذ التدابير والواجبات
الأمنية .
ü
إحتفاظ
تركيا بحقّها في الدّفاع عن نفسها و المطالبة بتعويض في حالة عدم توقف سوريا على
دعم حزب العمال الكردستاني .
الثورة السورية و مدى تأثيرها على العلاقة التركية – السورية
بعد نشوب الثورة السورية و المطالبة بإسقاط
نظام الأسد عادت سوريا لحماية نظامها إلى تحالفاتها السابقة مع روسيا و طهران و
انحازت تركيا للثوار في سوريا ممّا دفع بهذه الأخيرة كرد على الممارسات التركية
إلى معاودة دعم PKK ممثلا في فرعه بسوريا " حزب الإتحاد
الديمقراطي PYD " وشقه العسكري المعروف باسم "
وحدات حماية الشعب الكردية " وطفت إلى السطح مجدّدا قضية " لواء
اسكندرون "
شكّل ملف النازحين السوريين نحو تركيا و البالغ عددهم حوالي 3.5 مليون نازح
ملفا شائكا دفع بقطيعة شبه تامة بين البلدين إلى درجة استدعاء السفراء وخلال هذه
المرحلة تدخلت تركيا في الأراضي السورية عبر عمليتين " درع الفرات " و
" غصن الزيتون " لمطاردة الأكراد .
إتفاقية أضنة و شرعية عملية " نبع السلام " شمال شرق سوريا
عودة نظام الأسد إلى دعم حزب العمال الكردستاني ممثلا في
فرعه بسوريا حزب الإتحاد الديمقراطي و ذراعه المسلح وحدات حماية الشعب الكردية ،
أدّى مباشرة إلى تفعيل اتفاقية أضنة ومطاردة الأكراد لتأمين حدودها و إقامة "
منطقة آمنة " في سوريا على الحدود مع تركيا يمكن من خلالها إعادة جزء معتبر
من اللاجئين إلى بلادهم و بالتالي فالمنطلق التركي لدخول الاراضي السوريا كان راجع
لاعتقادها أنّ هناك خرقا لإتفاقية أضنة بمواصلة الجانب السوري دعمه لحزب العمال
الكردستاني ممّا يُشكّل تهديدا للأمن القومي التركي وهو ما يشكّل أرضية خصبة
لممارسة الحقوق التي نصّت عليها الإتفاقية لسنة 1998 .
خلاصة
بما أنّ سوريا وافقت في إتفاقية
أضنة سنة 1998 على اعتبار PKK منظمة إرهابية بكل فروعها مع تعهّدها بعدم توفير
الدعم لها وعدم السماح بعودة أفرادها من الخارج و دخول الأراضي السورية ومع هذا
عادت لدعمها لوجيستيكيا فهذا وفق المنطق القانوني يعد خرقا للإتفاقية محل النقاش و
تهديد للأمن القومي التركي ما يجعل من الإتفاقية ممر قانوني و أرضية خصبة لشرعنة
الممارسات التركية في شمال شرق سوريا .
قائمة المصادر
لواء إسكندرون.. منطقة تتنازع ملكيتها سوريا وتركيا على الموقع https://www.aljazeera.net
اتفاق أضنة التركي السوري.. بروتوكول أمني حمّال أوجه على الموقع https://www.aljazeera.ne
- Erdogan : L’accord d’Adana est toujours en vigueur sur le site webhttps://www.aa.com.tr/fr/titres-de-la-journée/erdogan-l-accord-d-adana-est-toujours-en-vigueur/1375698
- ما هي بنود اتفاق أضنة السرّي بين أنقرة ودمشق حسبما كشفتها الصحافة التركية؟ أنظر الموقع https://arabic.rt.com
- أنظر الرابط https://alkhaleejonline.net مقال بعنوان : كيف ضمن "اتفاق أضنة" غطاءً شرعياً لعملية "نبع السلام"؟




ليست هناك تعليقات