متى يُصبح القرار بيدك ؟
متى يُصبح القرار بيدك .... بقلم معاذ جدّي .
أسهبت الدول الأوروبية عند إعلانها على جملة العقوبات المقرّرة ضد بوتين وروسيا ممّا أجبر الروبل الروسي على التهاوي بشكل مرعب حتى وصلت إلى تخفيض مستويات الطاقة المتدفّقة إلى أوروبا و الدول المستوردة أساسا ، ثم سعت هذه الأخيرة في جولة مكوكية إلى إيجاد البدائل و التي كانت منذ الوهلة الأولى غير متوافرة لاعتبارات عدّة من بينها عدم تلبية حاجيات الطاقة الغربية في ظرف وجيز يسمح بالإستغناء عن المصادر الروسية وكذلك عدم رغبة الدول المنتجة إلى تحفيز عداء بوتين خاصة مع عضويته الدائمة في مجلس الأمن و الجرأة التي ابانها في حرب الجارة الأوكرانية ...
بوتين يتفرّج من على طاولة بلغ طولها نحو 5 أمتار على سعي هذه الدول لتوفير البدائل و بمجرّد اطمئنانه تحرّكت آلية صنع القرار في الإمبراطورية الروسية فأعلن بوتين عن بداية إدراج الروبل كبديل لتسليم الطاقة !! للدول غير الصديقة في عملية ردّ مقابل عن تصرّفات أمريكا التي أقحمت أوكرانيا في حرب خاسرة لاستنزاف روسيا و ما لبثت حتى أدارت الرحى نحو الإتحاد الأوروبي .... وكأن الرجل يقول أمريكا لن تقودكم إلا للهلاك .
الإجراء الروسي قانونا يعتبر خرقا لمبدأ التعاقد وهذا لا شك فيه ولكن السؤال الذي يجب أن يُطرح هو ... وماذا بعد ؟ أو ما الذي سيحدث ؟ من يستطيع محاسبة بوتين ؟ الإجابة واضحة خروقات بوتين للمعاهدات الدولية التي تسمو على جميع القوانين بدأ فعليا بالنسبة لأوروبا منذ ضم شبه جزيرة القرم ثم تواصل إلى تأديب زيلينسكي و السعي نحو ضم أوكرانيا بداعي الإستجابة لإقليم الدونباس فهل سيؤثر مبدأ التعاقد على قرارات رجل وصفته أغلب وسائل الإعلام بالمجنون ؟ بالطبع لا فالأحلاف القوية في مقدّمتها الصين و كوريا الشمالية وفنزويلا التي رفضت تقريبا طلب أمريكا في زيادة تدفق الطاقة نحو أوروبا لتغيير المنحى الروسي المتوجّه نحو الضغط الطاقوي على دول الضد ستكون سندا لقرارات بوتين ثم التزام الدول الأخرى كالجزائر و قطر و نيجيريا بحجم العقود الآجلة ممّا جعل دول الضد في مجابهة مباشرة للعقوبات الروسية والتي ستدفعها لا محالة إلى تليين جانب القيصر بتخفيض العقوبات على الإقتصاد الروسي على الأغلب ولكن هذا سيعتبر ضربة قوية لأمريكا التي كان يهدد رئيسها في كل خرجة إعلامية بتحطيم روسيا فهل ستترك أمريكا في زمن العجوز مسافات للقيصر كي يتمدد نحو الإتحاد الأوروبي ؟
الغالب إن استمر الضغط الروسي سيُصبح عجوز البيت الأبيض مجبرا على الخضوع تحت مبرّر الحفاظ على أوكرانيا و تجنب المزيد من الدمار وهو الذي في كل مرّة كان يطالب الدول المحاذية بعدم التصعيد مثل بولندا لأنّه يعلم حقيقة التصعيد ومخاطره على أمريكا أولا التي تُكنّ لها الجارة كوريا الشمالية عداءا معلنا و بوتين الذي يملك اسلحة تضاهي الأسلحة الأمريكية و تفوقها في بعض الميزات أحيانا .... بايدن إن فعّلت روسيا فعليا قرار إدراج الروبل كفاعل في التعاملات الطاقوية سيكون أمام مواجهة النفور الأوروبي من قراراته و حتمية الجلوس لطاولة التفاوض مع بوتين
لما ردّت روسيا بذلك القرار دون الرجوع إلى الإتفاقيات الدولية مع علمها أنّ ذلك يعتبر خرقا للتعاقد ؟
روسيا تعتبر من أكبر الدول المصدّرة للطاقة و الغذاء في العالم وهي نحو ضم دولة أخرى لا تفترق عنها في مقدّراتها من ناحية الغذاء على الأقل ممّا أعطى مساحات للمناورة بأريحية فحين تنتج غذاءك وسلاحك تُصبح أمام حتمية تفعيل ما يُسمّى صنع قرارك وإلا فأنت جبان ... وهذا ماتفعله روسيا اليوم هي تنتج غذاءها مكتفية بل وتصدّر لأغب الدول بالإضافة إلى أنّها مصدر الطاقة بنسبة تزيد عن 30% لأغلب الدول الأوروبية أي أنّها فعليا تملك زمام المبادرة .
ولكن ما مدى تأثير القرار الروسي المفضي إلى اعتماد الروبل بدل الدولار على قيمة الروبل و باقي العملات ؟
بعد إعلان بوتين بدأ التسليم للدول غير الصديقة بالروبل الروسي ارتفعت قيمة هذا الأخير بنسبة مابين 8 إلى 10% أمام الدولار الامركي وتراجع هذا الأخير بنفس القيمة تقريبا كما وتراجع الأورو بنحو يزيد عن 7.5 % أما الروبل و بالتالي يعتبر القرار صائبا أعطى شحنة اقتصادية في مواجهة العقوبات الأوروبية .
هل سيستمر ارتفاع الروبل وهل تتجاوز قيمته قيمة الدولار ؟
الغالب على الأمر أنّ استمرار تعافي الروبل من تأثير العقوبات الإقتصادية وارد بشل كبير إذا تم تفعيل القرار أمّا ان تتجاوز قيمته قيمة الدولار فعمليا غير ممكن على الأقل على المستوى القريب و المتوسّط حتى و إن استمرت الحرب و اعتمد بوتين فعليا الروبل عملة التبادل بينه و بين الدول غير الصديقة لروسيا فالدولار من الإحتياطات النقدية في بنوك تقريبا أغلب دول العالم إن لم نقل كلها بناءا على اتفاقية " بريتون وودز " وبالتالي ستسعى الدول القوية إلى الحد من ظاهرة نزيف قيمة الدولار ممّا سيكون عائقا أمام الروبل الروسي لأنّه حتى و إن أقدمت على تغيير الإحتياط من الدولار إلى شراء الروبل سيكون بسعر أعلى من الدولار وهو نفس الشيء تقريبا ففي الحالتين ستفقد هذه الدول جزءا مهمّا من حجم الإحتياط الصرف و الذي يعتبر تأمينا للدولة .




ليست هناك تعليقات