ماهي الحسابات التي تفرضها الدول العربية ضمن النظام العالمي ؟
ماهي الحسابات التي تفرضها الدول العربية ضمن النظام العالمي ؟ ......... بقلم جدّي معاذ
قبل اندلاع الحرب الروسية -الأوكرانية هبّت الدول الأوروبية بمشارقها
ومغاربها تندّد بنشوبها وتبيّن في مؤتمرات تتالت مغبّة هذا الصراع والذي لاح في
الأفق حتميته أمام تعنّت بوتين و إصرار الناتو للزحف نحو الحدود الشرقية الروسية متجاهلا
وعود بيكر سنة 1990 لغورباتشوف ، توالت البعثات نحو روسيا لتجد منفذا يُرضي جميع الأطراف ولكن دون
جدوى وبعد دوخول القوات الروسية حدود أوكرانيا توالت المؤتمرات والقمم ولكن هذه
المرة من أجل تدارس طبيعة العقوبات التي ستُفرض على روسيا تأديبا لها على حربها في
أوكرانيا ، فكانت العقوبات الاقتصادية هي الأشد على روسيا منذ سقوط الإتحاد
السوفياتي ثم سعت أوروبا بمساعدة من أمريكا إلى محاولة إيجاد بدائل للطاقة الروسية
لإضعاف منافذ القوة التي يستعين بها بوتين لمجابهة أوروبا وتحالفاتها ، لم تفلح
المحاولات مما دفع ببوتين إلى المضي قدما ولم ينتبه بل واجه تلك العقوبات بعقوبات
مماثلة وقد تكون أشد قسوة بأن أقر أن الحصص المتبقية من عقود توريد الطاقة ستُدفع
بالروبل الروسي بدل الدولار مما أجج من جديد قيمة الروبل بعد أن تهاوت بشكل كبير
عند بداية الحرب ، الفكرة بسيطة ولكنها تعتمد على معيار القوة لتطبيقها ... تخيّل
أن واحدة من الدول العربية مثلا حاولت تقليد روسيا في تدويل العملة عن طريق جعلها
بدلا من الدولار في عقود التوريد ؟ لن نتكلّم عما سيحدث لها لأن النتيجة سيعلمها
عن طريق التخمين العام والخاص ...
تلك أوكرانيا والتي تحوي محطة زابوريجيا النووية الأكبر في أوروبا و تم اكتشاف مخبر لتطوير الفيروسات المنقولة عبر الطيور المهاجرة على اراضييها !! رغم ذلك والدول الأوروبية تستميت في الدفاع عنها حتى أنّها هددت اقتصادها بذلك !! أين نحن من معادلة البقاء ؟
دخلت أمريكا في حرب مع العراق ولكنها حرب استنزاف للموارد ولم تتحرّك
الدول العربية و من فعل بها اكتفى بالتهدئة ، نعم التهدئة وهو يرى طائرات B52 ترتفع محملة بنفط العراق متجهة إلى واشنطن بل أن مطار الملك سلمان
كان مهيئا لطائرات أمريكا من أجل حصار العراق فهل تم معاقبة أمريكا على قتلها أكثر
من 600 ألف عراقي ؟ مستحيل فمن سيعاقبها ؟ بل سنزيد حصتها من الطاقة مكافأة لها
على جهودها في تقتيل و تشريد العراقيين ، تحرّك الغرب لأجل عيون شقراوات أوكرانيا
فماذا فعل من فعلنا نحن من أجل مقدّساتنا و مجازر بيت المقدس وما يحدث في غزّة ؟
لاشيء السعودية و الإمارات وهبتا ما يفوق 400 مليار دولار تحت غطاء الإستثمارات
الأجنبية لترامب ليفاجئ العالم بعدها بأقل من أسبوع عن إعلان رغبة كوشنر في جعل
القدس عاصمة إسرائيل ونقل السفارة إلى أرضها ، فهل شفعت أموال الخليج في تجنيب
العرب مذلّة ولا أكبر ؟ ماذا فعلت مصر ضيّقت الحصارعلى إخوتنا في غزّة بغلق معابر
رفح بل وزيادة حجم المبادلات الإقتصادية مع الكيان !! ماذا فعلت الجزائر فقط تسمع
على منابر مسؤوليها عبارة الرئيس هواري بومدين " نحن مع فلسطين ظالمة أو
مظلومة " عبارة لن تحرّك شيئا في القضية الفلسطينية وستبقى إنشاءا قيل في
لحظة حماس و أقصى ما فعلته هو تدعيم السلطة الفلسطينية بنحو 100 مليون دولار
مساعدة يراها المتتبعون مساعدة لإسرائيل قبل أن تكون لعباس بحكم التقارب بينهما
والذي لا يخفى على عين أحد ، ماذا فعلت المغرب ؟ لا شيء سوى أنها فهمت لعبة
الاقتصاد وبرّرت فعلتها بالمصالح فقرّرت التطبيع مع تل أبيب وبناء جسور المودة
بينهما متجاهلين تماما " محمد الدرة " من معادلة التوافق ... باستثناء
ماليزيا وهي مسلمة من غير العرب أين جاء على لسان وزير دفاعها ننتظر ردّا من قائدة
العالم الاسلامي ( السعودية ) لتزحف جيوش ماليزيا إلى إسرائيل ، ماذا فعلنا تجاهما
يحدث في سوريا من صراع دولي ومعترك لتجريب الأسلحة ؟ لاشيء ، وماذا فعلنا تجاه ما
يحدث في ليبيا والتي أيضا أضحت مسرحا لصراع إقليمي ودولي بالوكالة ؟ لاشيء ولن
نفعل ، ماذا فعلت تونس التي تغنّى رئيسها بحب القدس ونبذ إسرائيل الآن أضحت تونس
وعلى هشاشتها دولة منبوذة دوليا بفعل تصرفات رئيسها ولا تملك حتى زمام التأثير في
داخلها لتؤثر على المستوى الإقليمي أو الدولي .
كيف تحرك المسلمون لوقف المجازر ضد مسلمي أركان من الروهينغا و التمثيل بهم من قبل حكومة ومواطني ماينمار ؟ لاشيء وهل تحرّكوا لفك حصار مسلمي الإيغور بل و الأدهى أن الدول العربية وقعت على بيان في 2021 ترفض فيه المزاعم التي لا أساس لها ضد الصين مع الإلتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول !! أين رابطة الدم و الدّين ؟ هذه الدول هي الجزائر ومصر ، السعودية ، تونس ، المغرب ، الإمارات ، فلسطين ، العراق ، لبنان ، ليبيا ، السودان ، اليمن ، موريتانيا والصومال !!! ولغرائب الصدف فقد دعمت ماينمار مهندسة مجازر الروهينغا موقف هذه الدول وانضمت للاتفاق مع كل من فنزويلا وباكستان و بنغلاديش .
فأين نحن من معادلة البقاء ؟
المتأمل في ردود الأفعال والمواقف العربية تجاه قضايا الأمة الاسلامية
يُدرك أنّها أمم ميّتة مع وقف التنفيذ أمم يكفيها أن تُشهر وفاتها فقط لتُحذف من
الخرائط ، أمم إكتفت من العالم أنّها تحوز رقعا جغرافية تزيد بها اكتظاظ الكرة
الأرضية لا أكثر ، أذلّة نعم أذلّة بعد أن دسنا زمنا على رؤوس قادتهم ها نحن اليوم
تحت نعالهم لأنّهم طوروا فكرة إضعاف الإسلام و مضينا قدُما في تطوير فكرة رجعية
المبادئ الإسلامية فأضحت مناقب الفاروق و هارون الرشيد وطلحة و بن الوليد و عكرمة
و معاوية و عمرو بن العاص و غيرهم من المواقف الشاذة لزمن مضى وانقضى ولم تعد لنا
في ذلك قدوة وانغمسنا بعد رفعة نستجدي موائد الغرب ، الدول العربية خاصة لا أساس
لها في معادلة البقاء ولا تملك أي حسابات تفرضها قد تغيّر مجريات أي قرار نحن
عبارة عن أقاليم تضم خزانات الوقود لآلات مصانعهم ويا ليتنا كنّا قادرين على
التحكم بها حتى في ثرواتنا نخضع لإملاءات دولية مباشرة أو غير مباشرة .
ما تكشفه الحرب الروسية - الأوكرانية عبّر عن عمق الإنحطاط و المذلّة
التي بلغتها الحكومات العربية وبيّن مقدار استخفاف الغرب بمقدّراتنا وأرواح
أبنائنا فالأوكران بشر درجة أولى ومقدّسون و أطفال سوريا و مهجّريها و أطفال غزّة
و ليبيا و اليمن درجة ثانية أو ثالثة ، حتى ما تفعله الأدمغة العربية في جامعاتهم
و مستشفياتهم لا يرون فيه إلا اكتشافا أنجبته مؤسساتهم لأنّنا أهملنا أدمغتنا
وولّينا المناصب لمن سيدفنها أو يبعث بها للغرب عنوة تحت وطأة المحسوبية و الفساد
الإداري ، الحرب الروسية - الأوكرانية كشفت عورتنا وجزّت قُصّتنا وجدعت أنف
كبريائنا فلا داعي أن نجعل منها حدثا لا يعنينا لأنه خارج أقاليمنا فالحرب فعلا
هدرت ما تبقّى من كرامتنا .
الحلول
* أن تجتمع الدول العربية و الإسلامية وجوبا عند كل نازلة بالأمة
العربية أو الاسلامية وترص الكتف بالكتف لدفع الهوان
* اتخاذ مواقف مشابهة للموقف الروسي من ناحية تفعيل العملة دوليا خاصة
وانها لو اجتمعت تستحوذ على ما يقارب 50% من إنتاج النفط و الغاز .
* توحيد المواقف و الإجراءات ولو اختلفت سياساتها و الدفع بأولوية
الصالح العربي في مقدّمة المصالح التوافقية .
* زيادة حجم الإستثمارات داخل الدول العربية و تطوير برامجها التنموية
للدفع بعجلة الإقتصاد و التنمية .
* إستدعاء ومحاولة إستقطاب الأدمغة العربية بالخارج مع توفير
الإمتيازات نفسها أو أكثر وترتيب الإدارة لتوفير الأجواء الملائمة لتنمية الإقتصاد
.
* توحيد العملة لمواجهة تنامي العملات الأجنبية مقابل العملات العربية
* تقليص حجم الضرائب على السلع العربية
* تأسيس منظمّات عربية ذات قوة دولية لمواجهة هيمنة المنظمات الغربية
على المجتمعات العربية .
* تأسيس تكتلات عسكرية ذات طبيعة دفاعية بتمويل مشترك .
تأسيس مجالس دولية تعنى بالقضايا العربية تكون مهدا للقرارات العربية
ومنطلقا لها .
* الإبتعاد عن الحيادية وعدم مراعاة المصالح الضيقة كأولويات على
القضايا العربية .
* العمل على تطوير الكفاءات العربية واستنساخ التكنولوجيا الغربية
وهذا الأمر باستطاعتنا لما تملكه الدول العربية من طاقات فكرية هائلة والدليل أن
المؤسسات الغربية تحتضنها و بشدّة .




ليست هناك تعليقات