اخر الأخبار

صراع النفوذ وحرب النفط باختصار... المستفيد و الخاسر .

صراع النفوذ وحرب النفط باختصار ، المستفيد و الخاسر .


صراع النفوذ وحرب النفط باختصار... المستفيد و الخاسر .

المستفيد الأكبر من انخفاض اسعار النفط هي الدول المستوردة له وفي مقدّمتها الصّين بـنحو 10 مليون برميل يوميا
الخاسر الأكبر من انخفاض اسعار النفط هي الدول المصدّرة و التي يعتمد اقتصادها على النفط بشكل اساسي .
هل ستخسر واشنطن ومن انخفاض اسعار النفط ؟ 
    نعم في السابق كان من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية انخفاض اسعار النفط أمّا الآن فليس من مصلحتها انخفاض اسعار النفط بهذا الشكل لكونها بالإضافة إلى أنها ثاني مستورد للبترول إلا انّها أيضا أول دولة منتجة له ما يعني أنّ انخفاض اسعار البترول سيؤدي إلى الإضرار بالشركات البترولية الأمريكية المصنعة للنفط من الصخر الزيتي بسبب تكاليفه الباهضة و بالتالي إن استمرت الأزمة سيؤدّي مباشرة هذه الشركات لإجراءات إشهار إفلاسها بسبب تراكم الديون لدى البنوك و التي تجاوزت هذه السنة 80 مليار دولار.

من الخاسر الأكبر من بين طرفي الصراع السعودي - الروسي ؟

   أولا بداية الأزمة كانت في مارس حين دعت السعودية  إلى عقد اجتماع أوبك + من أجل تخفيض الإنتاج لزيادة الأسعار لكن روسيا رفضت وأعلن وزير الطاقة ألكساندر نوفاك عدم تقييد الإنتاج ، ما يعني زيادة العرض و محدودية الطلب بسبب فيروس كورونا ممّا سيؤدّي إلى زيادة خفض الأسعار و هي ما أعلنت عنه السعودية بتخفيض حتى 8 دولار في البرميل مع زيادة إنتاجها إلى قرابة 13 مليون برميل . 

·        لماذا رفضت روسيا خفض الإنتاج ؟ 

     توافقت الآراء الروسية – السعودية في 2016 على خفض الإنتاج إلى 2 مليون برميل يوميا وأرادت السعودية في 2020 زيادة التخفيض إلى  ما يتجاوز 3 مليون برميل لكن روسيا رفضت لأنّ زيادة الخفض سيدفع بأسعار البترول إلى الإرتفاع ما سيسمح بتمدد الشركات النفطية الأمريكية أكثر و زيادة سيطرتها على الأسواق العالمية و بالتالي مزاحمة الروس في أسواق النفط ، وهنا يظهر أنّ الهدف هو الإضرار بالشركات النفطية الأمريكية  قبل السعودية  و هوما بدأت بوادره فعلا بإعلان شركة whiting petroleumcorporation مطلع الشهر الجاري بداية إجراءات شهر إفلاسها  و هي مبدأ عادل رد فيه بوتين صفعة  واشنطن سنة 2014 حين أمرت السعودية بزيادة الإنتاج لضرب الإقتصاد الروسي و الإيراني ممّا أدى إلى تهاوي الأسعار حينها مما يربو عن 125 دولار إلى ما يزيد عن 30 دولار بقليل ، ولكن أمريكا حينها لم تكن المنتج الاول للبترول و غباء الخليج حينها جعلها تخسر مليارات الدولارات نتيجة هذه الخطوة غير المدروسة  كما و أضرت كثيرا بمجموعة الأوبك .

·        لماذا رفعت السعودية قدرة الإنتاج اليومي ما يتعارض مع مطالبها في اجتماع أوبك + ؟ 

     الظاهر أنّ السعودية من خلال إجرائها بزيادة الإنتاج رغم تعارضه مع مصالحها و مشاريعها المستقبلية خاصة مشروع " نيوم " تهدف من خلاله إلى زيادة الضغط على روسيا من أجل خفض الإنتاج و العودة لطاولة الحوار .

·        إذا من المتضرر من زيادة الإنتاج السعودية أم روسيا ؟ 

     من خلال تصنيف الدول الأكثر انتاجا للبترول نجد أن السعودية تحتل المرتبة الثانية عالميا خلفها مباشرة روسيا ما يعني حسب هذا التصنيف أنّ المتضرر هي روسيا و لكن يجب أن نأخذ بعين الإعتبار مدى اعتماد البلدين في اقتصادهما على العائدات النفطية ؟ يعرف عن الإقتصاد السعودي أنّه يعتمد على حوالي 90% من العائدات النفطية لبناء الموازنة السنوية بينما روسيا تعتمد في اقتصادها فقط على نحو 35 % من العائدات النفطية وذلك راجع إلى تنوع الإقتصاد الروسي وكثرة موارده على عكس السعودي ، بالإضافة إلى أنّ الإحتياط النقدي الأجنبي الروسي يتفوّق على الإحتياط الأجنبي السعودي بنحو 50 مليار دولار أي ما يزيد عن 550 مليار دولار مقابل نحو 500 مليار دولار للجانب السعودي بمعنى أنّه في حالة لجوء الدولتين لإحتياط الصرف الأجنبي ستصمد روسيا مدة أطول مقارنة بالسعودية ، ما يعني حسب معياري الإحتياط و التنوع الإقتصادي أنّ المتضرر بنسبة أكبر ستكون السعودية .

مدى فرضية التوجيه الأمريكي ؟

    في 2014  المتعارف عليه آنذاك أنّ السعودية تلقت أمرا من واشنطن – بصفتها حليف إن صح التعبير للقطب الأمريكي – من أجل رفع الإنتاج لضرب الإقتصاد الروسي و الإيراني ممّا دفع بالأسعار إلى التهاوي ، و الغريب في الأمر أنّ السعودية لم تعترض رغم علمها أنّ اقتصادها المتضرر الأكبر من الإجراء على عكس الجانب الإيراني أو الروسي ، ولكن هذه الفرضية تندثر الآن أمام بلوغ أمريكا المرتبة الأولى عالميا من حيث إنتاج  النّفط  بمعنى أنّ عدم استقرار أسعار النّفط وسط تزايد الإنتاج لن يعطي الأريحية الكافية للشركات المنتجة للنفط الصخري ممّا سيرفع ديونها أمام عجزها عن التسديد وهو ما سيضر بالاقتصاد الأمريكي – بالطّبع لن يكون الضرر بالشكل الذي يتمناه خصوم واشنطن – وترامب يعلم جيّدا انّ هذه المرحلة ستخدم اكثر الجانب الروسي ممّا سيدفع به من جديد إلى احتلال مكانة أكبر في الأسواق العالمية مقارنة بتراجع الشركات النفطية الأمريكية و إعلان إفلاسها إن استمرت الأسعار على ما هي عليه وقد صرّح ترامب في تغريدة على حسابه تويتر أنّ السعودية و روسيا تتحملان الأسباب في تراجع أسواق النفط إلى جانب الأخبار الزائفة ، بالإضافة إلى أنّ الإنتخابات الأمريكية على أبوابها و ليس من مصلحة ترامب الذي يطمح لعهدة ثانية أن يدخل الإنتخابات بأزمة اقتصادية في أمريكا !!

الأهم ... ما مدى تضرر الجزائر وسط حرب النفط بين السعودية وروسيا ؟

    كما نعلم أنّ الإقتصاد الجزائري هش لا يعتمد تنوع الموارد بل يعتمد بنسبة تفوق 95% على النفط و بـ حوالي 65 % على العائدات النفطية من أجل ترتيب الموازنة العامة للدّولة والتي تم بناءها هذا العام على 50 دولار للبرميل ،  ممّا يعني حسابيا - وقد بلغ سعر البرميل حاليا معدّل 25 دولار - أنّ الموازنة العامة ستعاني عجزا كبيرا إن استمرت حرب النفط بين السعودية و روسيا ، ممّا سيدفع بزيادة تآكل احتياط الصرف الأجنبي الضئيل اصلا و المقدّر بحوالي 60 مليار دولار ، تصريح رئيس الدّولة أنّ الجزائر لن تنهار لو استمرت أسعار النفط على حالها – وهذا في اعتقاد المناهضين للإستقرار في الجزائر حسب قوله – نقول بالطّبع لن ينهار بالشكل الذي سيقضي على معالم الدّولة ولكن الضرر سيكون كبيرا جدّا بالحجم الذي قد نستنزف فيه احتياط النقد الأجنبي و اللجوء إلى الدّين الخارجي وهذا سيجر إلى تابعات على المستوى الدّاخلي كانخفاض القدرة الشرائية ، زيادة الضرائب ، تخفيض الدّعم على المواد الأساسية ، عدم زيادة الاجور التي لا تفتأ النقابات تطالب بها ، فرض ضرائب جديدة ، تقليص مساحة الحريات بالحد من الإعتمادات الحزبية و النقابية و الجمعيات ، تابعات من شأنها دفع الشارع للغليان خاصة و أنّه لم يهدأ بعد وسط مطالب برفض تولي رئيس الدّولة للمنصب ، فرئيس الدّولة بحاجة إلى  الإستقرار الإقتصادي من أجل تأكيد بعض بنود مخططه الرئاسي التي وعد بتحقيقها ، و السؤال هل ستحتمل الجزائر أزمة انخفاض الأسعار لو استمرّت لمدة أزيد من عامين ؟ ومتى سيتنوع اقتصادنا لنخرج عن سيطرة الدول النفطية العظمى ؟

متى تنتهي حرب النفط ؟

الأزمة الحالية مناطة بمدى الجهود الدولية الرامية لإحداث توافق بين الجانب الروسي و السعودي خاصة واشنطن وما ستمارسه من ضغط على قرارات المملكة  و الحاكم الفعلي لكونهما صاحبا القرار ومدى ليونة الطرفين للحوار .

نسأل الله العفو و العافية و أنّ يرفع عن هذه الأمة ما أصابها و أن لا يجعل مصيبتنا في ديننا    

ليست هناك تعليقات