ـحقيقة النّكبة
قد يتساءل البعض لما بمصطلح النكبة ؟ و قد يفهم آخرون وقد يتجاهل البعض و قد لا ينتبه آخرون ، المصطلح بالأصل مرتبط بتهجير الفلسطينيين من أجل إقامة دولة اليهود فهي النكبة و المصطلح تجاوز ما بين شرق المتوسّط و نهر الأردن ليُعُمّ كل قُطر عربي ولكنّ الأمر على ما هو عليه جلل يستجدي همم الرجال إن بقيت وعقول الشباب و إن هرمت و فكر النخبة و إن شحّت وحيل الأريب و إن نضبت ، ، فالمصطلح إذا وليدهم وليد خيانتنا للمقدس – وهذا ليس موضوعنا - و لكن لا بأس أن نستعيره ...
قد تكون الحقيقة التي نُمارسها لا تُغيّر شيئا وسط ما تستعينون أنتم به من جيوش الباطل ولكن على الأقل نحن نملك إرادتنا ولم تُسلب لخلل أصاب عقولنا ، على الأقل قُلنا لا في زمن تراخت فيه الهمم وتراجعت فيه القيم و أصبحت المُتردّية أمرا مفروضا و حُكما نافذا ، ذات يوم إن بقي من ضمائركم ما قد يُحرّك شيئا في تلك الجثث ستفهمون أنّ الحقيقة مبدأ وكل منّا اختار ما يُشاكهه ، في يوم ما كنّا على يقين أنّ الحقيقة منهج من مناهج الحياة و الصّدق عنوانها و اخترتم أن تستعينوا بما اعوجّ من مناهجكم قِيَمًا وفضلتموها على ما اعتدل .
إنّ ما عليه أمر الأمّة اليوم و ما يُحيط بها من كُربات وإنّما هو مخاض جهل العامة واعتلاء السفهاء وتراجع النخب وما يكون هذا إلا إذا تولّى الفاسد واعتلى المنابر دعاة البلاط و المُلك واستحال الراقص مُعلّما و صاحب رسالة و أضحى اللص مفكّرا و صاحب حيلة وتولّت السافرات مناصب الرجال ، فتتعاقب على الأمّة مصائبٌ و نوائبٌ تهدُّ كاهلها و تُهرقُ نخوتها وتقسم صفّها فتُحيلها مزقا يسهل استغباءها فيلين جانبها ، تستسيغ الهوان و المذلّة ، فتركن للباطل و الشبهة و تصمت عند الحق وبذلك يُدنّس تاريخها و يُداس على فورتها .
أبدا لم نكن ذات يوم هكذا إلا حين لجأنا لمخابئنا عندما نبحت كلاب الهَمَل ولم نجرؤ على تلقيمها حجرا نسُد به فاها أبان أنيابه لأسياده وظن ذات يوم أنّنا لسنا سوى قطيع و لكنّه سار بالفكرة قُدُما حتى استحال راعينا ، فاستأسدت الضباع وحلّق فوق رؤوسنا كما النكبة أسراب الدّجاج !! وبات الفأر ذو شأن و الخرفان أصحاب رأي و النعاج أميرات علينا ، و النخبة تلعق حافر الحمار و المحصنات خادمات البغي و العراة وكانت المأساة أن ...أضحى القانون فوق القرآن و الشريعة .
إن ما تمر به الأمة اليوم إن لم تجابه خيبتها و تنفُضَ غبارًا ران طويلا فوق كاهلها ، إنّما هو إنذار بزوالها و تشتت آثارها وتبعثر شملها ولن يكون ذلك إلا لأنّنا جَبُنّا عند المواجهة فذهبت ريحنا و تجرأنا على مناهجنا فاستطاعوا طمسها ، إن استمر تخاذلنا فقريبا سنستحيل أعداءا لما كنّا ذات يوم نسميها قِيَمًا ، سنستحيل أعداءا لشرفنا ومبادئنا ، إن استمرّت فرقتنا سيُخيّم الطاعون طويلا بين أظهرنا وستنتشر الآفات بسم الأخلاق و التمدُّن حينها ستنضح أعيننا كثيرا ولن يفيد أن قلّبنا الكف بالكفّ ندما ، إن استمرّت حالنا يُدنّس الجبناء مبادئنا ، و يُسفّه الفاسدون أحلامنا و لم تستنفر النخوة أفعالنا ........فقل سلاما على وطن خذلناه و فرّطنا فيه جُبنا .
ليست هناك تعليقات