اخر الأخبار

الفتنة في الجزائر ... مآلها .



الجزائر , الفتنة , سياسة , الفوضى الخلاقة , الإبراهيمي

الفتنة في الجزائر ... مآلها .

نستذكر أوّلا ماذا قلت عن  تصريح  الإبراهيمي  

ماذا يعني عراق آخر :

كإحاطة عامة التهديد المُبطَّن تحت صيغة التذكير يُعتبر من الأفكار النمطية لدى جميع السّاسة و الأنظمة على اختلاف أفكارهم و هذا سواءا للحفاظ على مكتسبات شخصية أو عامة ، أمّا ما جاء به الإبراهيمي - وهو بطبيعة الحال مُستهلَك - يعتبر تحصيل حاصل لرد أويحي في البرلمان فالإختلاف فقط في مكان و زمن التصريح و المنطقة المُشبّه بها ، الإبراهيمي بقوله الجزائر ستستحيل إلى ما آل إليه العراق أو قوله هل تريديون عراقا آخر هو تكملة لتصريحات نظام توافقي فاسد لا يختلف فيما بينه حول تقديم المصالح الشخصية و مصالح السلطة الفعلية في الدّولة ... عراق آخر يعني طائفية في الجزائر و هذا فعلا ما بدؤوا بنشره تماشيا على الطرف النقيض مع الحراك الشعبي المتآزر إلى حدّ الآن وهذا بإحياء نعرات الفتنة التي تقسم لا تجمع أي هذا سنّي يختلف مع الإباضي و ذاك قبائلي و الآخر عربي ، شاوي يعني سياسة فرنسا في الحقبة الإستعمارية " فرّق تسُدْ " فبعد أن جمع الشعب شمله لو حدثت الفرقة - لا قدّر الله - سيلعب النظام ذات الدّور بأن يحاول جمع شتات المجتمع و بالتالي كنّا في قضية طرد النظام نصبح في قضية توقيف المد الطائفي في المجتمع وهي اولى في هذا الظرف لأنّ تلاقي المصائب سيؤدّي لا محالة إلى تمزّق الصّف وبالتالي دون وعي ممّن انساق في هذه الخارطة يصبح النظام رائدا .... عراق آخر يعني التعدد المذهبي في الجزائر قد يحيلنا لو تمّ بعث شرارة الفرقة إلى ما آل إليه العراق تحت ضغط التمزق الطائفي و تجاذبات التيارات الدينية سنة ، شيعة ، أكراد ، صفوية ، حدود مُلغّمة.. إلخ ... فكرة الإبراهيمي لم تأتي عفوية بل مدروسة فالرّجل شئنا أم أبينا سياسي ، إذا فهو يشبّه النظام الحالي بالرجل القادر على فرض توازنات حيوية على كافة جبهات المجتمع بتعدّد الطوائف و الأفكار وهو النظام الذي يملك ثقل معيّن لمنع التصادم أي نفس الدّور الذي كان يلعبه صدّام حسين كنقطة توازن في المجتمع العراقي المتمايز طائفيا بامتياز .... سياسة توريث المصالح و تكريس الحراك للذوبان داخل أفكار النظام ....هذا ما أراده الإبراهيمي بتصريحه بشكل أو بآخر .... النّدوة التي دعى إليها النظام لم تؤطّر النظام يحتاج إلى مزيد من الوقت فقط لبعثرة جميع أوراق الحراك و طمس ما يُمكن طمسه من الترسّبات السّوداء للنظام المستهلك ، لأنّ الأطُر هو من يصنعها و إن ظهر بوجه الحمل فاللعب على جبهتين بالنّسبة له يملك إيجابيتين:
 1 - نجاح الندوة التي دعى إليها النظام – بالطّبع لم يستطع فرضها – وبالتالي لا خوض في هذه الإيجابية  .
 2 - إن فشل الأمر سيُطيل النظام قدر ما استطاع عمره بمواصلة الخرق الدستوري إلى حين بلوغ الهدف المرجو  .

سياسة الفوضى الخلاّقة

لاحظوا معي هذا الطّرح الأخير ، ألسنا نعيشه ولو بمقياس آخر منذ أن دعى النظام السّابق إلى السنة الإضافية لإعادة ترتيب البيت كم مرّ على تلك الفترة ؟  قد مرّت 07 أشهر ما يعني أنّ مخطّطات النظام الفاسد لم يكن من يدرسها مجموعة البيادق التي زج بها الجيش في سجن الحرّاش ويُطارد فلولها فتلك لا تعدو أن تكون وسائل عملية تُخرج الفكرة التي نُسجت  للواقع بدعم خفي يفرضها على جميع الأصعدة أو يجعل لها بدائل على الأقل خلخلة الوضع إلى حين إعادتها للتطبيق أو إعادة صياغتها بما يتماشى و الوضع القائم وهي على قالب سياسة " الفوضى الخلاّقة "  ، وهذا ما يحدث حرفيا ، مناطق القبائل خرجت فيها بعض الطوائف تدعو لاستقلالها عن الجزائر و المطالبة بحكم ذاتي وغيرهم من بني جلدتهم يرفضون هذا الطّرح على أساس أنّ الجزائر وحدة واحدة غير قابلة للتجزء وبالتالي صراع ضمن نفس البيت من كان خلفه يبحث عن ضرب الفئتين ببعضهما رغم عامل اللهجة المشترك على اعتباره العامل الأقوى لمناطق القبائل ، المناطق الصحراوية وفق ما اسمته اتفاق النخب تدعو إلى جعل الجنوب أولوية مطلقة في الإصلاحات ما يعني تركيز الجهد المالي للدّولة ضمن منطقة دون أخرى هذا ما جعل المناطق الشمالية تدعوا لعدم الأخذ بالطّرح لأنّه يبعث على فكرة التمايز ، فالمرحلة الرّاهنة شئنا أم أبينا ليست مرحلة تقديم مخطّطات تنمية و لكن مرحلة حلحلة أزمة كانت فيها هذه النخب الجنوبية ميّالة إلى فكرة تقديس الأنا و التملّص من الواجب العام ولو كان موضوعهم أصلا الأزمة في الجزائر ، خروج بعض الأطراف غلى المناداة باستقالة رئيس الأركان و هذا في حدّ ذاته يُعتبر سُخفا و حماقة – مع احترامي لجميع الأراء فلكلّ منظوره و مبرّراته – ولكن المناداة بعزل القايد صالح يعني عزل الجيش عن السّاحة و إدخاله في صراع داخلي على السلطة يكون فيها ضعيفا قد يخضع لإملاءات سلطات خارجية مازالت تملك الرّغبة في استعادة وجوه النظام السّابق أو إعادة  خلق نظام مشابه للنظام السّابق يخدم مصالحها بنفس الطريقة أو أحسن ، فتح الصّراع مع الجيش لن يكون في صالح الدّولة فلا الظروف مواتية و لا الأطراف المطالبة قادرة على فرض التغيير و توفير البدائل  فقط سيكون الأمر عائقا في وجه الحلول القريبة وتهميشها على حساب افكار غير مدروسة العواقب كالتي نسمعها الآن .

ما الفائدة من المطالبة بعزل رئيس الأركان ؟ :

من الناحية العملية عزل رئيس الأركان غير ممكن كون الجيش هو الفاعل الأساس ضمن محرّكات السلطة و محور دواليبها فلا رئيس الدّولة على هشاشة قراراته ومواقفه قادر على فرض منطق أنا الأقوى حقيقة و لا رئيس الحكومة بدوي على ضعف أسلوبه قادر على المساس بالجيش خاصة بعد أن اطبق على المفاصل الأمنية للدّولة وبات الضمان للفعلي للسلطة القضائية ، إذا فالمطالبة بعزل رئيس الأركان فكرة غير مدروسة سلبية على كافة النّواحي في الوقت الرّاهن على الأقل و الفكرة على وجهين :
1 – إمّا  أنّ الفكرة جاءت عشوائية من فئة تتوجّس من حكم الجيش و استقرار النظام الشمولي وعسكرة مؤسسات الدّولة بطريق آخر لا ترغب في إعادة خطأ بومدين بإطلاق سلطة العسكر ممثلة في خالد نزّار – و إن كانت غير مقصودة – و الذي أمعن بعد تمكنّه من مفاصل الدّولة إلى فرض منطق تعيين الرؤساء و أنّ القوة من تحدّد لغة الصندوق وهذا لا يكون بتلك الطريقة أي المطالبة بعزل قائد الأركان و لكن بطرائق أخرى كالمطالبة بعدم إطلاق أيدي الجنرالات في السلطة و رئيس الأركان يعي هذا جيّدا و لا يُمكن أن يحدث و الدّليل الإقالات المتكرّرة لمسؤولين بارزين في المؤسسة العسكرية  فالقايد صالح يُدرك جيّدا أن أي إنفلات سيتحمّل مسؤوليته التاريخية و بالتالي يبحث عن لملمة اللعبة تحت غطاء القطبية الأحادية في إدارة السلطة في الدّولة ممثلة في شخصه و الجوار فقط يكون دوره استشاريا ليس إلا و اي تجاوز يُدرك الجنرالات جيّدا أنّه سيبعث بهم إلى النسيان إمّا داخل السجون أو إنهاء المهام كحد أدنى من القذف خارجا .
2 – و إمّا أنّ الفكرة مدروسة و من يُنادون بها يلعبون نفس أدوار البيادق السّابقة و بالتالي فالمستفيد منها هم الأطراف التي دعت لها و التي تبحث في ذلك عن منافذ لإعادة تموقعها أي الإمعان في تمزيق المجتمع و تشتيته بزرع الفوضى لخلق وضع جديد يتماشى ومشروع إعادة التموقع وهنا يُصبح الأمر اخطر إن كان على هذا الطّرح فالمستفيد لم يكن على حسن نيّة و لكن يُبيّت أمرا قد يدفع اكثر بالجزائر للهاوية .

الخلاصة  

الفرقة ، تركيز المطالب لفئة دون أخرى ، المطالبة بالإنقسام ، إقالة رئيس الأركان كلّها لا تعدو أن تكون مطالب عشوائية ترفع من سقف الوهم للأطراف الباحثة عن تأزيم الوضع وهو في حدّ ذاته فتح للصراع تتعدّد فيه الجبهات لن تزيد معه الدّولة إلا هشاشة و تقلّصا  لمواردها الإقتصادية نتيجة عدم استقرار الوضع السياسي في الجزائر ما قد يُشكّل ترسّبات ثقيلة على الجانب الأمني نحن في غنى عنها الآن .
   


ليست هناك تعليقات